الرأي
جهاز السافاك الإيراني ودور إسرائيل في إيران
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
جهاز السافاك الإيراني، هذا الاسم الذي غاب عن الأذهان وتلاشى تماما بعد أن غاب عن الأعين سنوات طويلة، هذا الاسم صاحب السمعة السيئة، كما وُصف في وقته، ولا أريد إطالة الحديث في هذا المقال المختصر، ولعلنا نأخذ نظرة عامة على جهاز السافاك أو الساواك الإيراني، ونربطها بالأحداث التي مرت على جمهورية إيران الإسلامية.
ونقلا عن بعض المصادر: أن سافاك أو ساواك بالفارسية هي اختصار «سازمان اطلاعات و امنيت کشور»، ومعناها «منظمةُ الاستخباراتِ والأمنِ القوميِّ» وهي الشرطة السرية لممكلة إيرانَ البهلوية، أسّسها محمد رضا بهلوي شاه إيران بمساعدة جهاز الموساد الإسرائيلي، وكانت مهمة هذا الجهاز هو قمع المعارضين لشاه إيران ووضعهم تحت المراقبة واستخدموا أيضاً ضد المعارضين من أبناء الشعب الإيراني كافة أنواع التعذيب والتجويع داخل السجون بالإضافة إلى التصفية الجسدية لقادة المعارضة، وكان الجنرال «تيمور بختيار» هو أول مدير لجهاز السافاك، ثم أستبدل بالجنرال «حسن بكراوان» الذي تم إعدامه على يد الحرس الثوري الإيراني بعد الثورة الإيرانية بقيادة «الخميني». تم استبدال الجنرال «بكراوان» عام 1965م بالجنرال «نعمت الله نصيري» المقرب من الشاه والذي قام الساواك تحت إدارته بتصعيد القمع والإرهاب ضد الحركات الشيوعية والقومية داخل البلاد، وفي بعض المصادر أن جهاز السافاك الإيراني عمل من عام 1957م. حتى الثورة الإيرانية عام 1979م، عندما أمر رئيس الوزراء شابور بختيار انحلاله خلال اندلاع الثورة الإيرانية. وقد وصف جهاز السافاك بأنه «المؤسسة الأكثر كراهية ومخيفة» في إيران قبل ثورة 1979م بسبب ممارست الجهاز للتعذيب وإعدام معارضي النظام البهلوي. في ذروتها، وكان للمنظمة ما يصل إلى 60 ألف من الوكلاء الذين يعملون في صفوفها وفقا لمصدر واحد، على الرغم من أن غلام رضا أفخمي يقدّر عدد الموظفين في جهاز السافاك الايراني بما يتراوح بين أربعة إلى ستة آلاف.
وأيضا ما نقل عن جهاز السافاك أنه كان جهاز ذو سلطات واسعة النطاق حيث بالإضافة إلى مهمته كجهاز استخبارات أخضع الكثير من المعتقلين للتعذيب البدني داخل السجون ومنها سجن «أوين» أو «أفين» سيء السمعة، وكان جهازاً للأمن الداخلي مما سمح له من مراقبة الإيرانيين خاصة الطلبة الجامعيين داخل وخارج إيران، كما اعتاد عملاء جهاز السافاك الإيراني بالتربص ببعضهم البعض، فقد قام بعض عملاء السافاك باغتيال الجنرال «تيمور بختيار» أول مدير للساواك عام 1970م، منصور رافع زاده مدير فرع الساواك بالولايات المتحدة اِغتيل أيضاً لأنه ذكر في أحد التقارير أن تليفون الجنرال «نصيري» مراقب. تمت ترقية الجنرال «حسين فردوست» زميل الشاه الأسبق ونائب مدير الساواك لمنصب رئيس الاستخبارات الإمبراطورية الخاصة «ساواما» وهي نسخه بالكربون من جهاز الساواك ولكن الساواما جهاز استخبارات مختص بمراقبة كبار المسؤولين في الدولة.
وبعد مغادرة الشاه في يناير 1979م، استهدف الحرس الثوري ثلاثة آلاف من موظفي جهاز السافاك الأقوياء، فقد أعدم العديد من المسؤولين الكبار بالجهاز، وقام الخميني بحل جهاز السافاك نهائياً عندما تسلم السلطة في إيران في فبراير 1979م واستبدل فيما بعد بجهاز «واواك» أي وزارة الاستخبارات. وبعد النظر لنقول المصادر تبين أن جهاز السافاك الإيراني، كان من الأجهزة القوية والمنتشرة على نطاق دولي، والتي لأدائها وعملها تأثير على الصعيدين الأقليمي والدولي، وهذه القوة تعود إلى أصل الصناعة والتدريب على المهام الصعبة، والتي منها الفكيك العام السريع والتحول الى خلايا، تغذى من مؤسسها وصانعها الأول،
وتبين أيضا أن طريقة التعامل معه في كيفية حل الجهاز وإنهاءه لم تكن بالطرق الإحترافية والمعمول بها في تفكيك الأجهزة الحساسة، بل كانت طريقة عشوائية ناتجة من ثورة تتعامل مع التغيير بأساليب بدائية وغير متزنة، وجهاز بحجم جهاز السافاك الإيراني، لا يمكن القضاء عليه في سنة، ولا سنتين، جهاز بهذا الحجم يحتاج الى عشرات السنين لتفكيكه وتحييده، وحصر عناصره، فالقضاء على الارهاب لا يزال العمل عليه من أكثر من ثلاثين عاما، وهو عبارة عن ميليشيات وجماعات غير منظمة، وتعمل بشكل عشوائي، ولم ينته العمل حتى الآن للقضاء عليه، فكيف بجهاز منظم وبحجم جهاز السافاك الإيراني؟
وجهاز الموساد الإسرائيلي لن يدع جهاز السافاك الإيراني ينتهي، وهو الذي أسسه على خططه وخدمته ورسم له طريقا وخط له منهاجا في خرائطه التوسعية، فالسؤال الذي يطرح نفسه، كيف لجهاز الموساد الإسرائيلي أن يقوم بالعمليات الحساسة المتكررة في الداخل الإيراني ومن دون أي صعوبة، فمنذ عام 2010م وسلسلة الاغتيالات قد طالت العديد من العلماء الإيرانيين العاملين في البرنامج الايراني النووي.
حيث تم اغتيال مسعود علي محمدي (2010م): أستاذ الفيزياء في جامعة طهران بعبوة ناسفة يتم التحكم بها عن بُعد، ألصقت بدراجة نارية قرب منزله في طهران.
ومجيد شهرياري (2010م): عالم فيزياء نووية بعبوة مغناطيسية ألصقها شخص بدراجة نارية بسيارته في طهران.
وداريوش رضائي نجاد (2011م): اغتيل بالرصاص على يد مسلحين على دراجة نارية في شرق طهران.
ومصطفى أحمدي روشن (2012م): اغتيل بطريقة مشابهة لشهرياري بعبوة مغناطيسية ألصقها راكب دراجة نارية بسيارته.
ومحسن فخري زاده (2020م): كان أبرز عالم نووي إيراني يُعرف بـ “أبو القنبلة الإيرانية” من قبل الغرب، واغتيل بواسطة مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بُعد، وضع داخل سيارة في كمين نُصب لسيارته شرقي طهران.
وكذلك تم اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس 2024م، وأيضًا تصفية صف القيادات الأول في الحرب الاسرائيلية الإيرانية، بنفس الأساليب والطرق، فهل لجهاز السافاك الإيراني بقايا وخلايا سهلت كل هذه الأعمال؟
