ما أقصر حياتنا

محمد البكر

طلبت من قراء مقالاتي قبل سنوات أن يغمضوا أعينهم لدقائق معدودة ، ثم يستعيدوا ذكرياتهم منذ طفولتهم في الحارة والمدرسة وبيوتهم القديمة ، وبعدها يتابعوا استعادة ذكرياتهم وهم مغمضي ألأعين ، في مراحل حياتهم الدراسية ، وسنوات المراهقة والشباب ثم النضوج ، ومن بعدها سنوات العزوبية ثم الزواج فتربية الأطفال ، مروراً بذكريات العمل والشللية ثم التقاعد ، ومن بعده الدخول في مراحل الشيخوخة كضيف دائم للمستشفيات – ربما – على كرسي متحرك يدفعه الأبناء أو الأقارب، وانتظار القدر حين يأخذ الله أمانته .

بعض القراء والأصدقاء جربوا ما طلبته منهم ، ثم سألتهم كم احتجتم من دقيقة لاستعادة مسيرة حياتكم منذ طفولتكم وحتى هذه اللحظة؟ .. فكانت معظم إجاباتهم هي ما بين خمس وعشر دقائق فقط .. تصوروا شريط حياتنا الذي يمتد لعشرات السنين يمكننا اختزاله إلى خمس أو عشر دقائق، كما لو كان مشهداً قصيراً من مسرحية طويلة .

حينها فقط أردت التذكير بأن الحياة قصيرة مهما طالت ، وأن مشاهد الفرح والحزن والخصومات والعداوات التي مرت في حياتنا وتركت تأثيرات سلبية غيّرت من وجه حياتنا ، أصبحت بعد كل تلك السنين والمعاناة مجرد ذكريات نستنقص من أنفسنا ونحن نتذكر مواقفنا منها . ذلك السبب هو نفسه الذي من أجله أعدت كتابة هذا المقال ” المتجدد ” .

هل تستحق حياتنا كل تلك القرارات العدائية والمواقف المتصلبة والعداوات مع الأصدقاء والأقارب التي نتخذها في لحظات غضب !؟ . لماذا نرهق أنفسنا ، ونؤثر على من هم حولنا، وندمر علاقاتنا ، ونعرض حياتنا لأمراض السكر والضغط ، ما دامت حياتنا قصيرة لدرجة أنه يمكننا اختصارها في دقائق معدودة !؟

ألم تسمعوا الرائع أبو بكر سالم وهو يغني ” يا حامل الأثقال خففها شوي ” ؟ خففوا من الأثقال التي ترهقكم وتتعبكم وتنكد حياتكم . تعلموا كيف تتغافلون وكيف تسامحون وكيف تهربون من مواقف الغضب والمشاحنات . فالحياة لا تستحق منا كل تلك الأثقال . ولكم تحياتي

رد واحد على “ما أقصر حياتنا”

  1. يقول حسن بايوني:

    بالفعل
    يا حامل الأثقال خففها شوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *