الرأي

مستقبلنا في شراكتنا

عبدالعزيز المطلق

مصرفي استثماري

ساهم تطور التخطيط الحضري خلال العقود الماضية في أهمية المدن من مجرد منطقة تجمع بشري عند مصدر الغذاء والماء الى مراكز سياسة، صناعيه وذكية. وأصبحت تحوي عناصر سكانية مهمه كمركز رئيسي ومناطق حضريه وضواحي. وأصبحت مدن العالم تتنافس لتكون مراكز للأبداع والنمو الاقتصادي. يقول كريستوفر شارلز دون الباحث الاجتماعي الأمريكي “ليس السكان أو المساحة الإقليمية التي تعزز مكانة المدينة العالمية، ولكن الوزن الاقتصادي، والقرب من مناطق النمو والاستقرار السياسي، وجاذبيتها لرأس المال الأجنبي. وبعبارة أخرى، فإن اتصالها بالعالم الخارجي ذا أهمية أكبر من الحجم. لذا فالمدن تستحق معالجة أكثر دقة على خرائطنا من مجرد نقاط سوداء متجانسة”.

تكمن جاذبية المدينة في فاعلية بنيتها التحتية وتطورها لتتماشى مع تسارع الحياة وقناعة مسئوليها انهم مقدمي خدمه لسكانها، ومرونة تخطيطها هو نتيجة حوار تفاعلي مستمر بين أصحاب المصلحة المشتركة في المدينة (المسئولين والسكان) متجاوزين بذلك الفكرة النمطية للتطوير التي تنطلق من مبدأ ان المدينة ما هي إلا مشروع عقاري يشمل عددا” من الشوارع، الحدائق وبعض المرافق العام، الى بناء أرضية جاذبة للاستثمار والمبدعين وخلق فرص وظيفية. وتكون البداية بصياغة رؤية للمدينة انطلاقا” من مزاياها النسبية تليها استراتيجية نمو وإنتاجيه وجودة الحياة لساكنيها قابلة التنفيذ لتساهم في الناتج المحلي من خلال الشراكة مع المستثمرين في البنى التحتية.

التحدي القادم للمدن هو تطبيق “الاقتصاد الدائري الذي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد. تستخدم الأنظمة الدائرية إعادة الاستخدام والمشاركة والإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع وإعادة التدوير لإنشاء نظام حلقة مغلقة، يهدف الاقتصاد الدائري إلى الحفاظ على استخدام المنتجات والمعدات والبنية التحتية لفترة أطول”. في عام ٢٠١٧ عززت الصين من الإجراءات التي بدأتها من ١٥ سنه لهذا الإطار الاقتصادي والتي تهدف من وراءه الى توفير ٥,١ تريليون دولار في عام ٢٠٣٠ والذي يمثل ١٤٪ من الناتج المحلي المستهدف.

سعيا منها لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، شرعت مدن عالميه على تطوير بنيتها التحتية في شتى القطاعات منذ فترة طويله، ومع مرور الوقت تشكلت اشبه ما يكون رابطه تضم ٢٠ مدينه غنية بينها منافسه لاستقطاب الاستثمارات وأصحاب الثروات يتم التصنيف بها على أساس سنوي. ومنذ العام ٢٠٠٠ تتصدر نيويورك هذه القائمة بثروات خاصه تصل الى ثلاثة تريليون دولا أمريكي وهو ما يقارب الناتج المحلي للهند. ويقطنها ٨٤ ملياردير تصل مجمع ثرواتهم ما يقارب ٤٧٠ مليار وهو أكثر من الناتج المحلي للنمسا. تليها طوكيو بإجمالي ثروات تصل ٢,٥ تريليون دولار. أما لندن فتأتي في المرتبة الخامسة وتساهم بنصف الناتج المحلي لبريطانيا. يذكر ان ٧٥٪ من كبرى شركات العالم تتخذ من هذه المدن مقرات لها.

منذ تأسيس المملكة، ساهم القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنى التحتية في قطاع النقل، الصحة والبلديات وغيرها الكثير من القطاعات الأخرى، نتج عنها خبره تراكميه كبيره. تأتي الخطوة البديهية التالية ولما يتمتع به القطاع الخاص من مرونة لمواكبة التغييرات هي توظيف هذه الخبرات من خلال إنشاء منظومات استثماريه مقفلة قابلة للإدراج للبنى التحتية ومن خلال عقود امتياز مع الدولة طويلة الأجل وتوليفة تمويلية يساهم بها القطاع العام والخاص والمواطنين من خلال إصدار صكوك خاصه قابلة لإدراج. هذا من شأنه التسريع تنفيذ المشاريع، زيادة عمليات الإدراج في سوق الأسهم وتعميق سوق الدين في المملكة والذي سيساعد بدوره في زيادة عمليات التسنيد.

خاطره:

ليس هناك شح في المشاريع، الشح هو في المشاريع القابلة للتنفيذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *