الرأي

رسالتنا

عبدالعزيز المطلق

مصرفي استثماري

• يقول البروفسور كريستوفر فرينش، أستاذ علم النفس بجامعة لندن: “كبشر، فإن أحد أعظم نقاط قوتنا هو قدرتنا على إيجاد أنماط ذات مغزى في العالم من حولنا ولصنع استنتاجات مسببه لها. ومع ذلك،نرى أحيانًا أنماطًا وروابط سببية غير موجودة، خاصة عندما نشعر أن الأحداث خارجة عن سيطرتنا”. ويتابع بقوله:”لدينا جميعًا ميل طبيعي لإعطاء وزن أكبر للأدلة التي تدعم ما نؤمن به بالفعل ونتجاهل الأدلة التي تتعارض مع معتقداتنا”.

• في 15  من شهر أبريل الماضي، نشرت مجلة الشؤون الغربية مقالا بعنوان “الفيروس التاجي يهدد طموحات السعودية العالمية ” للصحفية الأمريكية كريثيكا فيراقور (الحائزة على جائزة بولتزر) التي تتخذ من إندونيسيا مقراً لها. المقال هو محاوله منها للترويج لكتابها “الدعوة” الذي صدرالشهر الماضي ويحمل نفس المضمون. وهو خلاصة زيارتها لثلاث دول هي كوسفو، نيجيريا وأندونيسيا.

• من المفارقات التي تدعو الى السخرية أن كل من توشح بجائزة من الكتاب الغربيين يضع نفسه مُنظّراً للعالم الإسلامي إلى حد الإملاءات بل والاستشراف لمستقبل الأمه الإسلامية، في حين أن كتاباتهم مبنية على تجارب شخصية أو مراجع متحيزة لمعتقداتهم.وليس أدل على ذلك من حرص الكاتبة على تضمين المقال مفردات تشير إلى أن ما تقوم به المملكة في خدمة الدعوة الإسلامية هو تبشيري ،وشتان بين الدعوة الى الإسلام والحملات التبشيرية. كذلك ربطت بشكل غير مباشر مسئولية المملكة عن الهجمات الإرهابية في العقدين الماضيين مثل أحداث سبتمبر 2001 وتفجيرات بالي 2002، وما تقوم به بوكو حرام، ملقية باللوم على أشخاص سمتهم بأسمائهم تخرجوا من الجامعة الإسلامية في المدينة التي ترا أن دورها تبشيري، حيث ادعت أن أتباعهم هم من قاموا بتلك الأعمال الإرهابية. أما بالنسبة للجائحة، فقرارات المملكة لحماية مواطنيها ومسلمي العالم، من وجهة نظرها، تشكل خطراً على مكانتها وقيادتها للعالم الإسلامي، كونها دولة فتيه لم تر النور إلا عام 1932.

• الإسلام فوبيا (العنصرية المعادية للمسلمين، التعصب ضد المسلمين) مصطلح ظهر في أوائل القرن الماضي، واصفاً التحيز والعداء تجاه المسلمين متوجها بذلك إلى مشاعر الغربيين ودغدغتها بالتخويف منه. ومع مرور الأيام وتطور وسائل التواصل الاجتماعي زادت حدة التخويف والتسابق في جميع وسائلهم بإلصاق كل تهمة عمل إرهابي بالإسلام أو الجهاديين كما يسمونهم في وسائلهم الإعلامية بدون أي دليل. ويكفي أن تطّلع على تقارير منظمة التعاون الإسلامي بهذا الخصوص لتعرف مدى ترسخ هذا المصطلح في ثقافتهم.

• في إعلامهم التطرف اليميني بشقيه الديني والسياسي جزء من ديناميكية حياتهم وحرية الرأي وهو مسكوت عنه.(يعد المؤتمر العالمي للعائلات (WCF) واحدًا من أكثر المنظمات الأمريكية تأثيرًا التي تشارك في تصدير الكراهية منذ عام 1997) بهذه العبارة تصف منظمة حقوق الإنسان المؤتمر. وهو واحد من العديد من المؤتمرات التي ترعى تصدير الكراهية في العالم. موقع شبكة الرت ذكر أن أخطر 10 منظمات دينية يمينية تنفق ما يزيد على أربعة مليار سنويا لتمويل أنشطتها. إيد مارتن الجمهوري الأمريكي قال في خطاب له في فيرونا بإيطاليا العام الماضي (الكتاب المقدس والحدود وخروج بريطانيا “سيجعل أوروبا عظيمة مرة أخرى”). ما يضمرونه في خطاباتهم وإن أفصحوه فيما بينهم أن لا مساواة بينهم كأوروبيين وباقي من يسكن على أرض أوروبا من بقية البشر. الين سميث السياسي الأسكتلندي يصفهم بقوله (لا ينبغي لأحد أن يشك في الطبيعة الخبيثة لهذه الجماعات الأصولية).

• الدولة السعودية كانت داعية للسلام خلال الثلاثمائة سنة منذ نشأتها، ويكفي أنها خلال الخمسة عقود الماضية  ومن خلال الصندوق السعودي للتنمية أسهمت في تمويل 582 مشروعًا و27 برنامجًا تنمويًا في 82 دولة نامية تتوزع ما بين قارتي أفريقيا وآسيا ومناطق أخرى بمبلغ إجمالي تجاوز 51 مليار ريال، خصص الصندوق منها حوالي 27 مليار من إجمالي مساعداته لتمويل 359 مشروعًا وبرنامجًا إنمائيًا في 45 دولة أفريقية وأكثر من 23 مليار ريال لتمويل 232 مشروعًا وبرنامجًا تنمويًا في 29 دولة في آسيا، و18 مشروعًا في مناطق أخرى من العالم بأكثر من مليار ريال. ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة ومنذ بدأ المركز نشاطه في عام 2015 وحتى الآن ساهم في إنجاز 1050 مشروعًا في مختلف القطاعات منها الأمن الغذائي والصحة والتعليم والمياه والإصحاح البيئي والخدمات اللوجستية وغيرها بتكلفة إجمالية بلغت 3,542,362,920 مليار ريال سعودي.وما قامت به من مساواة في العلاج لمن يسكن على أرضها أثناء جائحه كورونامثال حي يضاف الى رصيدها من الإنجازات.

• مثل هذه المقالات والحملات الإعلامية ستستمر على وطننا بسبب أو بدونه، وما تتطلبه المرحلة في العقد القادم هو وجود منظومة شبه حكومية تكون رافداً للعمل الإعلامي الخارجي، يناط بها مسئولية برنامج العلاقة العامة والإعلام الدوليين، الذي ينطوي على التواصل مع الصفوة من قادة الرأي وأصحاب القرار والمحررين في وسائل الإعلام الدولية يكون أول مهامها البحث والتحليل لبناء فهم عمق الفجوة في التصور لدى الجمهور المنشود وتحديد المؤيدين والمعارضين لسياسات المملكة والمحايدين بين الجماهير وأصحاب النفوذ. يلي هذا التحليل بناء استراتيجية قوية تعمل على تطوير الرسائل الرئيسية الصحيحة عن المملكة والتخطيط لمعالجة الفجوة في التصور، يلي ذلك حملة من شأنها إيصال هذه الرسائل إلى أهم شرائح الجمهور المستهدف عبر القنوات الأكثر فاعلية. وتشمل الشرائح المستهدفة السياسيين والنقاد منهم، الشركات العالمية التي ترتبط مع المملكة بعلاقات تجارية أو لها أهمية استراتيجية، كبار المثقفين وأصحاب التأثير على حكوماتهم والرأي العام في بلاده، النقاد والمعارضين.

خاطرة:
هناك فرق بين أن تكون صاحب رسالة أو باحث عن الأضواء. أصحاب الرسالة يرون في النجاح أن الطريق طويل أما العثرات تعني لهم بأن القادم أفضل.

رد واحد على “رسالتنا”

  1. يقول محمد عبدالرحمن الشعوان:

    فكرة واقعية الطرح وبالغة الأهمية ويشكر الكاتب على تسليط الضوء عليها ، وأعتقد بإنه من أساسيات الإعلام الخارجي تتبع ما يدور في العالم حولنا سلباً كان أم إيجابًا سواء كان على خطط وزارة الإعلام أو تولته جهة شبه حكومية أو كليهما معًا ، الإعلام الخارجي سلاح فعال جداً ويحتاج منا أن نستثمره بلغة العصر وأن نحسن توجيهه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *