الرأي

العربية.. لغة وطن تُقصى في وطنها!

خالد الباتلي

كاتب ومثقف سعودي

ليس من المقبول — بل من المخزي — أن تكون اللغة العربية غريبةً في وطنها وأن يُجبر أبناء هذا البلد على استخدام لغة أجنبية في حياتهم الوظيفية ومراسلاتهم اليومية داخل مؤسسات سعودية خالصة!
أي منطق يقبل أن تُكتب الإيميلات بالإنجليزية في منشأةٍ سعودية، موظفوها سعوديون، وإدارتها سعودية إلا منصب او منصبين، ومقرها في قلب المملكة؟!
كيف أصبحنا نعتذر عن لغتنا، ونخشى استخدامها، بينما نفاخر بها أمام العالم كل عام في “اليوم العالمي للغة العربية” بخطب وشعارات ومجاملات لا تتجاوز الورق؟
لقد آن الأوان لقرارٍ حاسمٍ وصريح: اللغة العربية لغة إلزام في بيئة العمل السعودية.
ليس تفضيلاً أو خياراً أو ذوقاً شخصياً، ولكن كنظام ملزم يُحاسَب من يخالفه.
يجب أن تُحظر المراسلات الداخلية والخارجية بين موظفي الجهات السعودية بلغةٍ غير العربية، إلا في حال التعامل مع جهاتٍ أجنبية لا تتحدث العربية.. فتنم المخاطبة بالعربية واللغة الأخرى معاً..
بل ويجب أن يُلزم كل من يشغل منصباً قيادياً من غير السعوديين في منشأة سعودية بتعلم اللغة العربية خلال فترة محددة، كشرطٍ للاستمرار في عمله.
فمن غير المنطقي — ولا المقبول وطنياً — أن يدير الأجنبي مؤسساتٍ سعودية، ويُخاطب الموظفين بلغةٍ لا يفهمها بعضهم، وكأننا نحن الغرباء في ديارنا!
هذه ليست دعوةً للانغلاق أو رفض اللغات الأخرى، بل دعوةٌ للكرامة والسيادة والهوية.
اللغة ليست أداة تواصل فحسب، إنما هي وعاء فكر وثقافة وانتماء.
ومن يتنازل عن لغته، يفتح الباب للتنازل عن فكره وهويته وقراره.
فكيف نقبل أن تُدار اجتماعاتنا، وتُقدَّم أوراق عملنا، وتُعقد مؤتمراتنا في الرياض وجدة والدمام بلغةٍ غير لغة الوطن؟
هل يُعقل أن يُقام مؤتمرٌ في باريس أو طوكيو بغير الفرنسية أو اليابانية؟!
إنّ السعودية الجديدة، التي تعتز بتراثها وتبني مستقبلها، لا يمكن أن تسمح بأن تُهمَّش لغتها في مؤسساتها.
لقد دعمنا العربية في التعليم، وفي الإعلام، وفي الهوية الوطنية، لكننا ما زلنا نتهاون بها في ساحات العمل ومراكز القرار.
وهذا هو الخلل الأخطر، لأن اللغة تُقتل حين تُستبدل في موضعها الطبيعي بالحاجة والاعتياد.
نحن على مشارف اليوم العالمي للغة العربية، وهذه مناسبةٌ لا تُحتفى فيها بالقصائد والخطب، بل بالتشريع.
نريد قراراً واضحاً يُلزم المؤسسات الحكومية والخاصة باعتماد اللغة العربية لغةً رسميةً وحصريةً في المراسلات والعروض والاجتماعات.
ونريد أن يُدرج هذا القرار ضمن أنظمة العمل والتوظيف، حتى تكون العربية حقيقةً لا شعاراً.
كفى اعتذاراً عن لغتنا.. كفى استلاباً لغوياً يجعلنا نبدو كضيوفٍ في مؤسساتنا.!
اللغة العربية ليست خياراً بين لغتين، بل هي عنوان وطن وهوية أمة.
ومن لا يتحدث لغتنا في بلادنا، فعليه أن يتعلمها قبل أن يتحدث باسمنا..

5 ردود على “العربية.. لغة وطن تُقصى في وطنها!”

  1. يقول Saad:

    لا فض فوك
    الدوريات الامنية والمرورية مكتوب عليها بالبنط العريض باللغه الانجليزيه

  2. يقول فهد التويجري:

    بوركت يادكتور
    كلام من نور يدل على بصيرة سامية
    اللغة هوية الأمة
    إن همشت ضاعت ثقافتها
    وقد يضيع معها دينها
    و لعل استعمال العامية مع ما فيه من مخاطر أهون من استعمال لغة أجنبية.

  3. يقول د.يوسف الجابري:

    لا فض فوك،وفقت وهديت وسددت،وأسعدك الله كما أسعدت محبي اللغة والوطن.

  4. يقول مستورة الوقداني:

    كلام من ذهب لواقع مرير في كل تمجيد للغة العربية في يومها تنتابني غصة وكأني أسمع لغة القرآن تندب حظها مع أهلها وتقول لهم لا تحتفلوا بي وأنتم لا تعتزون بي في محافلكم !!! فعلاً وضع مزري ومخجل !!!

  5. يقول هادي البشري:

    حتى المدارس الابتدائية لم تسلم من ذلك
    ادخلو المنهج الانجليزي من اولى ابتدائي مما سيؤثر على اللغة الام والمنهج بشكل عام
    لا تشره على شركة او مؤسسة وانت تشاهد التعليم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات