سواليف

كورنيش بلا رمل.. شاطئ بلا روح

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

رغم ما تبذله بلديات المنطقة الشرقية من جهود كبيرة في تطوير الواجهات البحرية والكورنيشات ، إلا أن المبالغة في التركيز على الجوانب التجميلية والعمرانية جعلت السواحل الرملية الطبيعية تغيب عن المشهد ، وكأنها لم تعد ضمن أولويات التخطيط .

فالواجهات البحرية اليوم تمتلئ بالممرات والمقاهي والمطاعم والمسطحات الخضراء ، لكنها في المقابل تفتقر إلى المساحات الرملية المفتوحة التي تمثل المتنفس الحقيقي للعائلات ، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يجدون في الرمال والبحر متعةً وراحةً لا توفرها الأرضيات الصلبة ولا المرافق التجارية .

إن حاجة الناس إلى السواحل الرملية ليست ترفاً ، بل جزء من هوية المدن الساحلية التي نشأ أهلها على مقربة من البحر. والرمل بالنسبة لهم ليس مجرد منظر، بل ذاكرة وراحة وانتماء . ولذا ، فمن غير المنطقي أن يُختزل الساحل في ممشى وإضاءة ومطاعم ، بينما يُحرم الناس من أبسط أشكال التواصل الطبيعي مع البحر .

ما ذكرته لا يقلل أبداً من جهود البلديات والأمانة ، في تهيئة تلك الواجهات بكل ما يحتاجه المتنزهون . لكن عندما نبحث عن الشواطئ الرملية ، بالكاد نشاهدها . وأمامنا تجربة ناجحة لبلدية الخبر عندما خصصت مساحة صغيرة لشاطئ رملي ، فكانت المفاجأة أنه ومع شروق الشمس كل يوم لا تجد مكاناً شاغراً لتجلس فيه مع عائلتك وأطفالك على رمل الشاطئ .
لا أحد يعترض على ضرورة تشجيع الاستثمار في الواجهات البحرية ، لأن الإستثمار يخلق فرص العمل ويحرك الدورة الاقتصادية . لكن المبالغة في تخصيص مساحات أوسع له مردود سلبي .

في مقابل ذلك ، فإن تهيئة السواحل الرملية وتشغيلها بطريقة تحفظ طبيعتها وتخدم الزوار يمكن أن تشكل أيضاً فرصاً اقتصادية وسياحية حقيقية دون أن تُفقد البحر روحه . فالمطلوب هو توازن عادل بين الاستثمار والحق العام ، وبين الجمال العمراني وتطوره ، وبين الطبيعة الساحلية التي تربى عليها أهالي تلك المدن منذ صغرهم . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات