سواليف
كورنيش بلا رمل.. شاطئ بلا روح
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
رغم ما تبذله بلديات المنطقة الشرقية من جهود كبيرة في تطوير الواجهات البحرية والكورنيشات ، إلا أن المبالغة في التركيز على الجوانب التجميلية والعمرانية جعلت السواحل الرملية الطبيعية تغيب عن المشهد ، وكأنها لم تعد ضمن أولويات التخطيط .
فالواجهات البحرية اليوم تمتلئ بالممرات والمقاهي والمطاعم والمسطحات الخضراء ، لكنها في المقابل تفتقر إلى المساحات الرملية المفتوحة التي تمثل المتنفس الحقيقي للعائلات ، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يجدون في الرمال والبحر متعةً وراحةً لا توفرها الأرضيات الصلبة ولا المرافق التجارية .
إن حاجة الناس إلى السواحل الرملية ليست ترفاً ، بل جزء من هوية المدن الساحلية التي نشأ أهلها على مقربة من البحر. والرمل بالنسبة لهم ليس مجرد منظر، بل ذاكرة وراحة وانتماء . ولذا ، فمن غير المنطقي أن يُختزل الساحل في ممشى وإضاءة ومطاعم ، بينما يُحرم الناس من أبسط أشكال التواصل الطبيعي مع البحر .
ما ذكرته لا يقلل أبداً من جهود البلديات والأمانة ، في تهيئة تلك الواجهات بكل ما يحتاجه المتنزهون . لكن عندما نبحث عن الشواطئ الرملية ، بالكاد نشاهدها . وأمامنا تجربة ناجحة لبلدية الخبر عندما خصصت مساحة صغيرة لشاطئ رملي ، فكانت المفاجأة أنه ومع شروق الشمس كل يوم لا تجد مكاناً شاغراً لتجلس فيه مع عائلتك وأطفالك على رمل الشاطئ .
لا أحد يعترض على ضرورة تشجيع الاستثمار في الواجهات البحرية ، لأن الإستثمار يخلق فرص العمل ويحرك الدورة الاقتصادية . لكن المبالغة في تخصيص مساحات أوسع له مردود سلبي .
في مقابل ذلك ، فإن تهيئة السواحل الرملية وتشغيلها بطريقة تحفظ طبيعتها وتخدم الزوار يمكن أن تشكل أيضاً فرصاً اقتصادية وسياحية حقيقية دون أن تُفقد البحر روحه . فالمطلوب هو توازن عادل بين الاستثمار والحق العام ، وبين الجمال العمراني وتطوره ، وبين الطبيعة الساحلية التي تربى عليها أهالي تلك المدن منذ صغرهم . ولكم تحياتي

