خربشة ومغزى

صيد خاطر .. وتأمل ناظر

أحمد بن عبدالله الحسين

التالي غريف كلام
وصيد خاطر وتأمل ناظر
أندست وتعرشت
بتنوع إشارات خطها قلم
وفاحت بنسم بما يلي:
*حينما تجفف الحياة ترابك
تصبح أقدامك ثقيلة
تكتئب الدنيا بعينيك
وقد تُقسّي قلبك
وتُجفف حياتك
وأن ما أضعته
قد يطرد الأمل
ولكنك تُقاوم للتمسك به
لأن هنالك بذرة في قلبك
قد سبق غرزها في ترابك تحاول
أن تفوح بالأمل وأمثولة الحبّ
الذي طالما انتظرته
ليتفتح وتغذيه
وهو لم يظهر فيه أزهار
ولكنه يكبر في ترابك
ترغب أن تسقيه ليكون شجرة
تنتظر ثمارها
لتقول أذهب وأجمعها
فتأتي حتمية الانتهاء
وتذبل الجذور هناك

*إذا جُرِح حبّك
تقف وأنت تتنفس
أيها المسافر
الذي يشاهد ويتجول
ويمشي بقلبه
وروحه وجسده
إن كان الطريق غائما
وأحيانا مشمسا
تحمد الله أنك تتنفس
الماضي الذي جمعته
هو حاضرك ومستقبلك أيضا
تقاوم لكي تعيش
ويحدوك أمل
أن لا يصل الموت
إلى من تُحبّه
ولا يمكنك أن تعلمه
وإذ تنظر، فترى الموت أيضا حبّ
لأن الحبّ والموت
يوجد لهما جذور معا
في أعمق الأماكن
عندما تقول أنك
واقع في الحبّ
هو وقوع يشبه الموت
وبهذا لا يمكن أن تعرف
متى سيدخل الإثنان
وعندما يأتيان
لا يكون سوى الاستسلام لهما
الحبّ والموت
مثل الضوء والظلام
تدخل وتمشي قبل أن تفهم
متى يشرقان ومتى يغربان

*الغيوم أحيانا
تراها كأنها تحزن وتبكي
وعندما تكون رمادية
ويهطل منها المطر
تبكي لأن الشمس
تبتعد عنها
وهنا تتفكر بأن الغيوم
واقعه في حبّ الشمس بلا أمل

هي غيوم تتألم
والشمس تبتعد عنها
وربما يكون العكس
الشمس واقعة
في حبّ الغيوم
لذلك السبب كانت
تقف بعيدة عنها
ولماذا تبتعد
إن كانت واقعة في حبها
لأنها لو اقتربت كثيرا
ربما تخاف هي أيضا
أن تمحي الغيوم
بتبخيرها بالحرارة
التي بداخلها
ولو نظرت للغيوم
كأنها ترى أن الشمس عاجزة
أو أن قلبها كبير
داخله يحترق
ومعتاد على الحرق

*زهرة الهاوية
‏تنبت في الأعالي
‏والجبال الهادئة
‏وتنمو بظروف صعبة
‏محافظة على برائتها ومقاومتها
تتوق النفس لعبيرها
وفي المجاز تندس العبرة

*عندما نقول البيت
أول ما يأتي على العقل
هو مكان الأمان والالتجاء
ولكن الشيء
الذي يجعل البيت بيتا حقا
هم الناس بين الجدران
حتى وإن وضعت تلك جدران
بكل مكان فيه إلا أن البيت
هو شيء يتعدى معناه
الالتجاء أو الإيواء
البيت هو حضن
لكل واحد فيه
يحبّ بعضهم بعضها
والحبّ اللانهائي أساس البيت
فإذا كان
فالبيت هنا أجمل
مكان في الدنيا
حتى وإن تهدمت جدرانه
وتردى حاله
فالحبّ هو ما يحول
ذلك المنزل إلى بيت
ويتحول أبسط مأوى إلى بيت

*الزواج
‏هو محيط عميق
‏لا تعمل أي بوصلة به
‏لأن القلبين هما البوصلة
‏وبهذه البوصلة
كم من محيطات
يمكن عبورها
حتى يرى كل منهما
قلب الآخر
لا يتركان بعضهما

*يخاف الإنسان مما يجهله
والكثير من الناس
يعرف الظلمة
مثل راحة يده
واعتادوا على العيش
في ظلمة مثل الثلج
لأنهم يخافون من الضوء
لا يعرفون أن حياة أخرى ممكنة

*الصينيون لهم عادة قديمة
عندما ينكسر البورسلان لا يرمونه
حتى أن المكسور
أغلى من السليم بالنسبة إليهم
لأن الانكسار شئ ما
دليل على أنه حي
أي أن البعض منحوه القيمة واستخدموه
المكسور لديه تاريخ
لامسه الزمن
لهذا السبب المجوهرات المكسورة يجمعونها بالذهب
الذي ينتجوه مجددا
في لحظة تبدو كقمامة سترمى
وفي اللحظة التالية
تكون بقيمة الجواهر
لأنه لا يوجد شئ أغلى
من شئ انكسر
وتم تصليحه تحديدا
انكسار شئ ما في بعض الأحيان
يحقق للإنسان الحقيقة التي أمامه ويذكره أنه يتوجب عليه العناية
به كعينة كي لا يكسره مجددا

وهنالك في الحياة
انكسار القلم
إذا كان بسبب
يُصلّح ألا ينكسر مرة أخرى
هذا القلم لديه الكثير
من الجمل التي سيكتبها

*أيامنا قد يصادفك
حالات تبسط ظلالها
على الأفراد والجماعات والدول
تُنطق بالْحَوْرُ بعد الكور
أي الرُّجوع عن الشَّيءِ وإِلى الشَّيء، والْحَوْرُ التَّحَيُّرُ أي الرُّجُوعُ
إلى النُّقصان بعد الزِّيادةِ
لأنَّه رُجوعٌ من حالٍ إِلى حالٍ
وفي الدعاء؛
نَعُوذُ باللَّهِ من الْحَوْرِ بعد الكَوْرِ
أن يأتينا النُّقصانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ
أو من فسادِ أُمُورِنا بعد صَلَاحها
كحال نَقْضِ العِمَامَةِ بعد لَفِّهَا

*عندما يتحد الفرعان معا
يصبحان أقوى من السابق
وهكذا حينما تتعانق المحبة
تجعلهما أقوى
وتربطهما أكثر
فالجزءان يكتملان

*مُكابِر الذات هو متثاقل
عن أداء واجبه عند الملِمّات
متباطئ عن حضورها جُبناً وخوراً
أحيانا يُهين نفسه بإظهار الحاجة والإلحاح في السؤال
حتى يضجر منه الرجال
ويلْكزوه بقبضتهم
لدفعه بعيدا عنهم

*هاجس اخترام العمر
واقتراب رحلة الحياة القصيرة
من نهايتها وروح الموت
تُظلِّل الفطين في كلِّ منعطف
من منعطفات أيامه
حتى في أكثر صولاتها
اندفاعا وتهتُّكا وعَرامة

*العمر في بعض أطيافه
يمر بضيق وكرب أو غُمّة
ويترأى له من تلك الغُمّه
لَبْس وأمر مستور
وكأنها تدنوا لأذنه تهمس
بغمغمة وتغمغم
أي كلام الذي لا يبين يشبه
أصوات ثيران عند الذعر
وأصوات أبطال في وغى القتال
وغريق تغمغم تحت الماء
تداكأت فوقه الأمواج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *