العبث بالنعمة.. ومبادرة “فرجت”

محمد البكر

قبل عشر سنوات كتبت مقالاً حول مشاريع إفطار صائم التي كانت منتشرة في مختلف مدن وقرى المملكة. وكتبت رأياً- آنذاك- أغضب “بعض” من كانوا يقومون على تلك المبادرات . فقد رأيت في ذلك الكثير من التجازوات والتضخيم في أعداد الوجبات لدرجة أن منظمي أحد المخيمات التي كانت تقام في إحدى مدن المنطقة قالوا إنها وصلت لعشرة آلاف وجبة . ولو قلنا إن كل وجبة تكلف 15 ريالاً فإن التكلفة اليومية للوجبات فقط هي مائة وخمسون ألف ريال ، وفي الشهر أربعة ملايين وخمسمائة ألف ريال . ناهيك عن تكاليف إقامة المخيم التي لن تقل عن نصف مليون ريال . باختصار فإن تكلفة الإفطار إن صدقت تلك الأعداد في ذلك المخيم وحده يكلف حوالي خمسة ملايين ريال . وقس على ذلك آلاف المخيمات التي كانت تقام في كل مدينة .

قبل أيام انتشر مقطع أمام أحد مساجد العاصمة لعمالة تعبث بالإفطار الذي تساهم في توفيره الكثير من الأسر بحثاً عن الأجر . وكان المنظر مزرياً ، فالنعمة على الأرض وهناك من داس على بعضها ، ومدخل المسجد لا يليق ببيت من بيوت الله، والعمالة لا تعبه بشيء من ذلك . فأين الصدقات والأجر في ذلك !؟ .

لا تحكموا عليّ  عطفاً على ما ذكرته في بداية المقال . فأنا لم أقصد أبداً المس بفضل تفطير الصائمين ، ولا بانتقاد من يبحث عن الأجر والثواب . لكني أنبه بأن هناك من هو بحاجة لمثل هذه الصدقات ، مثل بعض الأسر المتعففة والتي يمكن معرفتها لمن أراد من خلال التواصل مع الجمعيات الخيرية التي تملك المعلومات وترشدهم على المحتاجين من تلك الأسر . أما الذين يدفعون عشرات وربما مئات الآلاف من الريالات لمشاريع التفطير ، فأمامهم مشاريع أهم مثل مشروع “فرجت” والذي يساعد المسجونين على تسديد ديونهم .

هناك دراسة تؤكد أن ما يتم دفعه لمبادرات إفطار صائم في المملكة يبلغ حوالي 700 مليون ريال . ولكم أن تتصوروا كم ستساهم هذه المبالغ في مساعدة أولئك السجناء الذين تنتظرهم أمهاتهم أو زوجاتهم أو أبنائهم قبل حلول عيد الفطر المبارك .

من يستفيد من وجبات الأفطار ليسوا كلهم مسلمين كي تأخذ أجر تفطيرهم ، ولا لاجئين أو مقطوعين في طريق . بل عمالة تعمل وتسترزق وتستلم رواتبها وبدلاتها من الشركات التي يعملون بها . ولكم تحياتي

رد واحد على “العبث بالنعمة.. ومبادرة “فرجت””

  1. يقول افراح احمد:

    كلام منطقي وياليت يتم قراءت هذا المقال بتمعن .الله يجزاك خير وكل عام وانت طيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *