الرأي , سواليف

السعودية .. دوران للأمام

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

الدول تحتاج لسنوات طويلة كي تتمكن من تغيير أوضاعها السياسية والاقتصادية والمجتمعية . وكلما كانت الدولة كبيرة ومؤثرة في محيطها الأقليمي والدولي ، كلما احتاجت لسنوات إن لم تكن لعقود حتى تحقق أهداف التغيير الذي تنشده . ولهذا شكك البعض في قدرة المملكة على الخروج من عنق الزجاجة التي كانت هي عليه ، خاصة وأنها ذات وزن ثقيل خليجياً وعربياً واسلامياً  . فالمملكة ليست جمهورية موز ، بل هي مملكة حباها الله بكل مقومات العظمة . في علم السياسة والاقتصاد، تكون الحركة ثقيلة وبطيئة، فكل خطوة للتغيير تجرف معها متغيرات تؤثر على المحيطين القريب والبعيد . مثلها مثل الأمواج في عرض المحيطات العميقة ، عاتية ومؤثرة .

وفي علم الاجتماع ، تحتاج المجتمعات لما يقرب من ثلاثة عقود كي تتغير ثقافتها وعاداتها واهتماماتها . خاصة عندما تكون مجتمعات فُرض عليها واقع صعب ومعقد لأكثر من أربعة عقود من التشدد والانغلاق والوصاية .

أي تغيير تنشده قيادة جديدة ذات رؤية واضحة وثاقبة ، لا بد وأن تصطدم بجبهات عدة . فما بالك وتلك الجبهات ذات مصالح وأجندات ، ولها جذور عميقة ، ترى في أي تغيير تهديداً لها ولمصالحها ، وربما وجودها . تحديات كان العالم يعتقد بأن من المستحيل تغييرها .

هناك فرق بين أن تسير مركبتك في صحراء دون أن تعرف هدفها . دون أن تفكر لحظة واحدة ، بأن الوقود قد ينفذ في أي دقيقة ، تجد بعدها نفسك ومن معك ، تائهون لا يسأل عنكم أحدا ، وبين أن تسير في طريق مضاء محدد الأهداف ، بخطة واضحة تضع الحلول لكل العقبات قبل الوقوع فيها . هكذا كنا وهكذا أصبحنا .

كنا نتحدث عن الكثير من حالات الفساد ، كما لو كنا نتحدث عن مشاهد تمر أمامنا ، كأنها أمر واقع . تعديات مليونية على أراضي الدولة . ميزانيات مليارية لمشاريع يمكن تنفيذها بملايين قليلة . صكوك بلا أساس في سجلات الدولة . رشاوى تمارس بشكل يومي دون حسيب أو رقيب . لم نكن نتخيل بأن هناك عاصفة من العزم والحزم ستهب لتقتلع كل قلاع الفساد ، وتعصف بعصابات ومتنفذين وأصحاب مصالح من القمة إلى القاع .

السعوديون كانوا يعيشون حالة من الإنفصام . كل واحد منهم كان له وجهان . وجه داخل الوطن ، قلق متشدد متجهم ، يخشى تسلط فئات محددة ” الملامح ” بأجندات خبيثة ، تتصرف كما لو كانت وصية عليه وعلى أسرته وعلى المجتمع بأسره . ووجه آخر منطلق متسامح مبتسم يظهر به مع أول خطوة يخطوها على سلم الطائرة ، كما لو كان خارجاَ من سجن .

في عمر الدول الصغيرة تحتاج لسنوات طويلة كي تغير من معادلاتها ، فما بالك إذا كانت بحجم المملكة العربية السعودية ، وما تمثله من ثقل عربي واسلامي واقتصادي !! . بكل تجرد أقول كأننا في حلم . كل شيء يتغير نحو الأفضل بسرعة البرق . حياتنا اليومية .. حاجاتنا الأساسية من صحة وخدمات .. مستقبل وطننا وأجيالنا القادمة .. كل شيء في وطننا يتغير ، يتطور ، يجعلنا نفخر بانتمائنا لهذا الوطن الكبير .

باختصار وإن أطلت .. نحن نعيش رحلة الصعود للقمة بقيادة عراب رؤيتنا 2030 سمو الأمير الشاب محمد بن سلمان ، وبرعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *