الرأي , سواليف

صواريخ صدام.. وفيروس الكورونا

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

لا زلت أتذكر غزو صدام حسين للكويت في الثاني من أغسطس عام 90 ، ذلك اليوم الأسود في تاريخنا الخليجي والعربي . كما أتذكر بدء عملية تحريرها في السابع عشر من شهر يناير عام 91 ، والأحداث المتتالية في الفترة ما بين الغزو الغاشم والتحرير الكامل .  صواريخ سكود التي كان يرسلها على الرياض العاصمة وعلى الخبر والظهران بحكم قربهما من قاعدة الملك عبدالعزيز ، وتواجد أعداد من جيوش التحالف الدولي لتحرير الكويت فيهما ، كانت ولا زالت حاضرة . وفي تلك الفترة عشنا واحدة من أصعب المحن التي مرت علينا . فرغم أن قواتنا الباسلة نجحت في التصدي لغالبية تلك الصواريخ . إلا أن صوت جرس الإنذار الذي كان يدوي لحظة انطلاق تلك الصواريخ للتحذير عن قرب وقوع الخطر ، كان يرعبنا أكثر من الصاروخ نفسه بحكم غريزة الحياة وحب البقاء .

أما اليوم فخوف الناس ليس بسبب تلك الصواريخ ، بل خوف إسمه “الكورونا” . خوف لا يحتاج الناس فيه إلى جرس إنذار، فجرس إنذارهم يعمل تلقائيا لحظة خروجهم من منازلهم . القفازات اليدوية حاضرة ، والكمامات معلقة ، والعيون تتابع من هم حولهم ، والآذان تسترق السمع على كل من يعطس أو يسعل . وما أن يعودوا لبيوتهم حتى تبدأ معركة غسل الأيادي بالماء والصابون والمعقمات لطرد هذا الشيطان الذي يخايلهم في هيئة فيروس .

قلت – آنفا – إن غريزة الحياة التي غرسها الله سبحانه وتعالى في كل مخلوقاته مهما كان حجمها أو وزنها ، هي التي تدفع المرء للخوف من أي شئ يهدد حياته . لا فرق إن كانت صواريخ بعيدة المدى مثل صواريخ سكود العمياء ، أو فيروس صغير غير مرئي للبشر مثل فيروس الكورونا . آنذاك كنا نلجأ لأقرب مكان فور سماعنا ذلك الجرس المرعب حتى زوال الخطر ، أما مع فيروس الكورونا فالخوف يلازمنا ليلا ونهارا ، فنحن لا نعلم كيف سيهاجمنا ، أو من سينقله لنا . وهذا ما يستلزم منا الإختباء دائما داخل منازلنا .

العدو حين تعرفه يمكنك مواجهته ، لكن إذا كان عدوك فيروسا غير مرئي ومختف عنك لا تعرف من أين ومتى سيأتي ، فإنه يجعلك إما أن تعيش في هواجس ومخاوف على مدار الساعة ، أو أنك ستدخل في مرحلة هلع كما حدث مع صديقنا “النمس” نبيل المعجل ، الذي أخشى أنه سيؤلف كتابا عن الوسواس الذي أصابه مع انتشار هذا الفيروس . فإن قرر هذا النبيل تأليف كتابه بالفعل ، فأقترح عليه عنوانا له هو “يا زينك منخش” على وزن كتابه السابق “يا زينك ساكت”  . ومن لا يعرف معنى “منخش” ، عليه المرور على أحد دواعيس الدمام التي يتغنى بها “أبو فيصل” ليل نهار . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *