الرأي , سواليف

نحن.. والأجانب

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

لم أنظر في حياتي للأجنبي الذي يعمل في المملكة سواء كان عربيا أو وافدا من شرق آسيا أو من أي بقعة في العالم ، نظرة الحسد أو الاستصغار . بل إنني أتعاطف معه كونه في غربة عن وطنه وأهله وأحبابه ، وأنه لولا الحاجة لما تركهم ليعيش في غربته . ناهيكم عن أنه جاء ليقدم خدماته التي نحتاج إليها مهما علا شأن وظيفته أو هبط . وعندما أربط عنوان المقال بين الأجانب وعلتنا ، فلا أقصد أولئك الأجانب الذين يقومون بأعمالهم بشكل قانوني وصحيح ، بل أقصد أولئك الذين يتعاونون مع مواطنين سعوديين تهمهم مصالحهم الشخصية ، ضاربين بعرض الحائط مصالح وطنهم ومواطنيهم .

لا يمضي أسبوع إلا ونسمع من وزارة التجارة أو الصحة أو هيئة الغذاء والدواء أو الأمانات ببلدياتها عن ضبط عمليات غش وتزوير يشيب لها الولدان . فالغش بلغ مداه ، وبات يمس كل احتياجاتنا اليومية من غذاء ودواء وسلع استهلاكية مرتبطة بصحة الناس وسلامتهم . لعلكم تتذكرون عمليات الضبط التي نفذتها وزارة التجارة قبل أسبوع ضد عدد من  المستودعات التي تكدس فيها سلع مطلوبة وأخرى مغشوشة ، وتغيير لتواريخ أدوية منتهية الصلاحية ، وتعبئة لمواد صحية في عبوات تحمل الأسماء التجارية لكبار الشركات العالمية . مما يشكل خطرا كبيرا ومباشرا على الناس وسلامتهم ، ويهز ثقة المستهلك بما يعرض في المتاجر الكبرى للسلع الإستهلاكية والغذائية ، وكان أخطرها ما ظهر في مقاطع تبين تغيير تواريخ الأدوية ومن بينها أدوية حساسة وخطيرة انتهت صلاحيتها منذ سنوات تتبع لصيدلية لها أكثر من 17 فرعا في الرياض . لا تختلف هذه التجاوزات عن أي أعمال تقوم بها عصابات المافيا . فإذا كانت تلك العصابات تنفذ جرائمها بالرصاص والخطف والتعذيب ، فهؤلاء يقتلون الناس بعمليات الغش التي يمارسونها .

تساؤلات مهمة تطرح حول نظرة القانون للمواطن المتستر على هذه الجرائم ، والأجنبي الذي لم يردعه دين ولا ضمير ، والعقوبات التي لا تتجاوز الغرامات والتشهير في كثير من الأحيان !! .  المواطن المتستر من وجهة نظري هو المجرم الأول ، كونه سهل للأجنبي كل ما يحتاجه لتنفيذ جرائمه ، فهو الذي يستأجر المكان ، وهو الذي يراجع الجهات الحكومية ، وهو الذي يستقدم هذه العمالة المجرمة أو ينقل كفالتها عليه . فهو مجرم كما الأجنبي الذي يتزعم تلك العصابة بعد أن  نقض العهد ، وخان الأمانة ، وألحق الضرر الكبير بالناس   .

الكاتب لا يحق له التدخل في أمور القضاء ولا الأحكام التي تصدر من المحاكم ، لكنني كمواطن أتمنى لو أن العقاب يصل للإعدام إذا ما ظهر أن الجرم الذي يقوم به المواطن المتستر والأجنبي الغشاش ، فيه خيانة للوطن وضرر بالبلاد والعباد.

لقد قلت في مقال سابق … علتنا منا وفينا . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *