الرأي , سواليف

الزعيم ممثل “للوطن”

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

يعتقد بعض المثقفين والأكاديميين بأن الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص لا تستحق الاهتمام والمتابعة ولا حتى الدعم الحكومي . فهولاء يعتبرون ذلك مضيعة للوقت والجهد وللمال العام . ومع أنني أحترم أي رأي باعتباره رأياً شخصياً لا يلزم غيره ، إلا أنني أعتقد بأن مثل هذه الآراء تعكس مدى الإحباط الذي يلازم تلك الشريحة كونها لا تجد من يتابعها أو يهتم بما تقول، وهذه مشكلتهم وليست مشكلة الآخرين ممن يرون في كرة القدم ما يجعلها في المراتب الأولى لرسم صورة حضارية عن وطنهم .

يوم أمس قرأت مقالاً لأحد الأكاديميين “المؤرخين” ، هاجم اهتمام وسائل الإعلام والأوساط الرياضية وعدد من الجهات الحكومية بمباراة الهلال؛ رافضاً في الوقت نفسه دعم الدولة “حسب ما يقول” لهذا النادي في هذه البطولة القارية ، ومضيفاً أن هذا الاهتمام لن يعالج قضايا البطالة ولا مشاكل الإسكان أو ضعف الخدمات الصحية . خلط عجيب لا يمكن أن يصدر من أكاديمي مثقف ؛ إذ ما دخل دعم الهلال بتلك القضايا ، وهل لدى هذا الأكاديمي ما يثبت أن هذا النادي تم دعمه على حساب تلك الهموم”الشعبوية” ؟!

الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص ، أصبحت من أهم الأسلحة “الناعمة” التي تحتاجها الدول لرسم صورتها عند الآخرين . فهناك الكثير منها لا أحد يعرف عنها شيئاً إلا من خلال كرة القدم . فعلى سبيل المثال فإن البرازيل وبغض النظر عن اقتصادها الحالي ، لم يعرفها العالم منذ عقود إلا من خلال غاباتها الاستوائية ورياضتها ، وبالتحديد لاعبيها في العصر الذهبي من أمثال بيلية وريفالينو وسقراط وغيرهم من نجوم العالم الذين كانوا خير سفراء لبلادهم .

ربما نقبل أن يكون هذا الرأي صادر من أحد المشجعين أو حتى بعض من لا يحب الرياضة ، لكننا لا نرى منطقاً في طرح كهذا من أحد الأكاديميين . فالدولة – رعاها الله – ترى أن الشباب هم قوتها وأمل مستقبلها وخير سفراء لأقرانهم الشباب حول العالم ، وهي إن دعمت الهلال فإنها تدعم من يمثلها في هذا المحفل وليس دعماً لهذا النادي دون غيره . ومن يصف الدعم الحكومي للهلال والذي يفترضه هذا الأكاديمي بأنه “دعم بغير وجه حق” ، فأجزم أن فيه تجنٍ على من دعم “الزعيم” في مباراته الدولية . فهو إن كان لا يعلم من دعم الهلال فهذه مصيبة وإن كان يعلم وقال هذا الكلام فالمصيبة أعظم .

أما الوطنية التي أشار إليها فيبدو أنه قرأها في وسائل التواصل الاجتماعي التي تعج بمن هب ودب ، أو أن أحداً نقلها له دون أن يتأكد مما قال ، ففي هذه الوسائل التي لا يعتد بها الكثير من الكلام غير المسؤول .

لقد فاز الهلال ممثل الوطن وشرف الكرة السعودية ولا عزاء للكارهين . ولكم تحياتي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *