سواليف

صرخة قرب الكعبة… ورجل أمن يضع حياته جسراً لإنقاذ أخرى

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

بدأ المشهد بصرخات مكتومة ارتفعت من أفواه النساء ومن حولهن حين رأين رجلاً يلقي بنفسه من علو شاهق داخل الحرم المكي الشريف ، قريباً من الكعبة المشرفة. لحظات خاطفة اختلط فيها الدعاء بالذهول ، والعيون تتابع جسداً يهبط بسرعة مرعبة نحو الأرض، وقوة ارتطام متوقعة لا تُبقي لصاحبها فرصة نجاة ، بل تهدّد من حوله أيضاً بالأذى .

في تلك الثواني الفاصلة بين الحياة والموت ، تقدّم رجل الأمن ريان سعيد العسيري بلا تردّد . لم يحسب المسافات ولا الإصابات المحتملة ، وإنما اندفع بدافع واجبه الإنساني أولاً قبل النظامي ، ليتلقّى الساقط بين يديه محاولاً امتصاص قوة الارتطام قدر المستطاع . كانت المخاطرة بحياته حاضرة بكل تفاصيلها ، فالسقوط من هذا الارتفاع كفيل بأن يجعل المُنقِذ ضحيةً مثل المُنقَذ … ومع ذلك فعلها .

الحادثة بما تحمله من ألم ، وفي أقدس بقاع الأرض ، تذكّرنا بأن خلف مثل هذه المحاولات قصص معاناة قاسية ، لكنها — مع ذلك — لا تبرر الفعل ولا تلغي حرمة النفس ولا قدسية المكان .

وفي الختام ، ليس من العدل أن يتسابق البعض إلى تضخيم أي موقف يكون طرفه رجل أمن إن حدث سوء فهم مع حاج أو معتمر ، ثم يصمتون حين يضع أحدهم حياته على كفّه لينقذ روحاً على شفا الهلاك . العدالة الأخلاقية تقتضي أن يُذكر فعل البطولة كما يُذكر سوء الفهم ، وأن تُرفع القبعة لمن جعل جسده سدّاً بين إنسانٍ يائسٍ والأرض .

تحية تقدير لكل رجل أمن يرى في الناس أهله ، وفي الواجب حياة ، وفي المخاطرة بنفسه سبيلاً لحماية الآخرين . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات