في يوم الوطن .. كأنني لا أستطيع الكتابة

د. علي بن عبدالخالق القرني ‏@alikarni

في يوم الوطن يترجل النبض عن آخره ، ويولم الحب، وتهيم الأقلام على الصفحات ،تزهو بقطوفها الدانية.

في يوم الوطن ، أرقب مهارة الحروف بشغف، وأرصد عشق أهله بامتياز.. وحده قلمي يقف متلعثما، لا يقوى على تدوين لهفي، ولا يستطيع رسم خفقاتي في كلمات. ما الذي يستطيعه هذا الرشيق وهو يعبر قصة الوطن، وقصيدة القيادة، وخاطرة الأهل؟ ما الذي يستطيعه قلم واحد يجري على صفحة بحجم الوطن، سطورها شرايين أهلها، بالقاني تتوازى وتتوالى، وبياضها وشم الأيادي البيضاء التي وحدت ثراها منذ أكثر من قرن ، ونذرتها قبلة لجميع القرون؟

ماذا سأكتب في يوم الوطن وأنا – كغيري ممن أرهقهم هواهم- أوقن بأن اللغة التي أعرف، لا يمكنها أن تبدع جهة خامسة أمتاز بها عن غيري، فتأتي فيها حروفي لا شمالية ولا جنوبية .. لا شرقية ولا غربية؟ لكأنني بحاجة إلى لغة تتهادن مع غير العادي ، لتعبر بجنون عشقي إلى عنوان لطالما تشهته الخطى، منذ شق سيدنا آدم -عليه السلام- طريقه من جنته إلى العنوان الذي كان منذ الأزل بحجم هذا الوطن!

في يوم الوطن لن أكتب عن الإنجازات لخادم الحرمين الشريفين حتى ولو كانت بحجم وثبة الحزم لردع الباطل، أو بمثل معجزة دحر الفساد ، أو في هيئة إكليل الإنجازات، القائد الفذ الملهم صاحب الرؤية ومحرك مرحلة إزالة التجاعيد عن وجه وطن لا يرى في الكون وطنا أحق منه بالتفوق والريادة، جدد شبابه ومكن شبابه وأزاح هم الإحباط وكسر شوكة التطرف ،ومضى في كل اتجاه يبني ويبهر لا يلوي على شيء. لن أكتب عن هذا ، لا لأن غيري سيأتي عليه، ولكن لأنني أخشى ألا يستطيع قلمي الإرتقاء إلى مستوى الإنجازات والمعجزات التي تحققت في كل الميادين.

وهل أكتب عن خادم الحرمين الشريفين، وما أنا بقادر على وصف حكمته ورشد قيادته؟  أم هل أكتب عن قائدنا الشاب الذي لوى الأعناق صوب بلادنا، وما أنا بمستطيع مهما استعرت من فنون اللغة ومفاتن المفردات؟ أم هل أكتب عن هذا الإبداع في الانتماء لهؤلاء الأهل، الذين خلص كل قلب منهم إلى الله نجيا أن يديم عليهم نعمة المحبة والولاء والانتماء لوطنهم وقيادته؟

أدركت أنني في هذا اليوم المهيب لا أستطيع الكتابة والخوف يراودني من الإبحار في هذا اليوم ، ويسرقني من سطوري تردد يوجع ريشتي، ويقطع أنفاس مدادي. ولهذا لن أكتب عن المنجزات الحضارية ، والمشروعات العملاقة، والدروب والمدائن فهي لا تتقن لغة الخلود، لكنني سأدلف بحروفي إلى الخلود عينه، إلى حيث الأبوة الحانية ، والإنسانية الوافرة ، والحكمة الوافية، لا بد من الكتابة في سلمان بن عبدالعزيز الوالد والإنسان والقائد الذي بنى للقيادة منهجا جديدا كفيلا بتخليد الخالدين، قوامه الموقف، ومتنه المحبة، وغايته الإصلاح.

وليتني أستطيع في يوم الوطن أن أنظم قصيدة واحدة في رجل واحد، التحديات قدره ، وكفاءة الشباب ونفاذ البصيرة عدته، والتضحية من أجل الوطن عنوانه، حين يتحدث إلينا تصغي له الأفئدة، وحين نتحدث عنه، تلهج بالدعاء له الألسنة.

حين نكتب لفخرنا محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نجزم أننا نكتب بمداد الشرايين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات