“السعودية تصنع الإنجاز… وغيرُها يسرق الضوء”

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
توقفت كثيرًا أمام تغريدة صادقة كتبها الزميل مشعل الخالدي، حين أشار إلى ظاهرة بعض “المطبعين المنبطحين” الذين يسارعون إلى سرقة إنجازات السعودية ونسبها لأنظمة لا تملك من الواقع شيئًا سوى الضجيج الإعلامي.
لم تكن تلك التغريدة مجرد رأي عابر، بل كانت الدافع الحقيقي لكتابة سلسلة مقالات تحليلية، أحاول من خلالها تفكيك هذا السلوك المتكرر، وفضح محاولات التطفل الرمزي على منجزات السعودية في زمن محمد بن سلمان.
إذن هذه السطور ليست استعراضًا لانبهار، ولا مجاراة لمديح متداول، بل محاولة لتأطير ظاهرة متكررة من التطفل الرمزي على التجربة السعودية وقيادتها.
فمع كل حضور سعودي، ومع كل قفزة نوعية يقودها الأمير محمد بن سلمان، تظهر على السطح موجة من التوصيفات المصطنعة لقادة آخرين، وكأن النجاح لا يُحتمل إلا إذا تَقاسمه الآخرون إعلاميًا.
حين يتداول بعض المحللين الدوليين توصيفات تعكس حجم التأثير السعودي في المنطقة، فذلك لا يأتي من الداخل، ولا من حملات دعائية، بل من جهات دولية وأطراف خارجية رصدت التحول الاستثنائي في السعودية، ودورها المؤثر والفاعل إقليميًا ودوليًا، ويكفي دليلًا على ذلك ما تبديه كبرى الدول من احترام وثقة، تُترجم في إشادات مباشرة من قادتها، وطلبات متكررة بأن تضطلع السعودية بدور الوسيط أو الضامن في أزمات دولية معقدة، لما تمتلكه من مصداقية ونفوذ وقدرة على التأثير في موازين الملفات الإقليمية والدولية، إلى جانب اعترافهم بدورها الحاسم في استقرار أسواق الطاقة العالمية، باعتبارها قوة نفطية كبرى تتحكم في توازنات السوق وتؤثر في مسارات القرار الاقتصادي العالمي.
لكن هذا التقدير الدولي للدور السعودي لا يروق لبعض الأطراف، فيربك حساباتها ويدفعها لمحاولات استباقية لصناعة ألقاب فضفاضة لقادتها من قبيل: “زعيم العرب”، أو “قائد الأمة”، أو “رجل الشرق الأوسط”، في سعي واضح لخلق توازن رمزي يعوّض غياب التأثير الحقيقي على الأرض.
تلك المحاولات لا تأتي لمجاراة الحضور السعودي، بل لمزاحمته إعلاميًا. فحين تُحقق المملكة حضورًا لافتًا في محفل دولي، أو تطلق مبادرة غير مسبوقة، أو تتصدر مؤشرًا عالميًا… تتسارع محاولات إقحام أسماء أخرى في المشهد، وكأن الفعل السعودي لا يكتمل إلا إذا أُرفق بتوقيع خارجي من خارج السياق، في محاولة مكشوفة لتقاسم الأوصاف لا الأدوار.
ليست هذه ردود أفعال بريئة، بل سلوك إعلامي وسياسي مقصود، لا يهدف فقط إلى تمجيد الذات بما لا تستحقه، بل إلى تهميش دور السعودية وتسطيح منجزاتها. يزعم البعض أنهم السباقون في كل شيء، وربما يملكون في بعض المجالات ما يستند إلى تاريخ أو تجربة، لكن ما إن يُذكر اسم السعودية حتى تثور ثائرتهم: تارة بالتقليل من المنجز، وتارة بادعاء أسبقية زائفة، وتارة بمحاولة سلب النجاح ونسبه لأنفسهم بأي وسيلة.
هذه المقالة وُلدت من هذا المشهد: من رغبة في كشف الفارق بين القيادة التي تُثبت وجودها بالتحول، وتلك التي تعيش على المقارنات والشعارات والتاريخ. ومن إيمان بأن ما يصنعه محمد بن سلمان اليوم لا يُنافس، بل يُحتكم إليه كمقياس في زمن الاضطراب والادعاء.