حين يصنع صديقك يومك… دون أن يقول كلمة

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أمس اقترح علي صديق كريم زيارة مريض وتعزية أخ مكلوم. وافقته، رغم انشغالي، لا لحُسن فكرته فحسب، بل لما شعرت به من حرصه النبيل، وكأن الخير يعنيه أكثر مني. لم يكن مجرد اقتراح عابر، بل دعوة ناعمة من قلب محب.
بعد أداء الواجب، مرّ بي على محطة بنزين، ثم توقف عند مقهى ديليفري صغير، قبل أن يقودنا إلى الدمام في جولة هادئة على الكورنيش. ظاهريًا، قد يبدو مشوارًا عاديًا، لكنه في تفاصيله كان غنيًا بالدروس.
لفتني في صاحبي سلوك لا يطلب ثناءً، بل يتحدث عن نفسه بلطافة خفية. مبادرته لزيارة المريض وتعزية المفجوع لم تكن أداء واجب، بل صدق نية، وتعاطف نقي. كانت كلماته خفيفة لكنها تملأ القلب: تأسية، وحكمة تلطف الجو وتربّت على الوجع.
في محطة البنزين، رأيت ما ظننته محاولة للدفع بالكاش، وتعجبت. أهو فلان من يستخدم النقد؟! ثم لمحته يموه علي بإظهار البطاقة البنكية، لكنه كان قد مرر مئة ريال بهدوء للعامل، في لحظة سريعة لم يُرد أن أراها.
وعند نافذة القهوة، لم يطلب مشروبه فقط، بل صنع يوم البائع الشاب بكلمة طيبة ومزحة خفيفة، رفع بها من معنوياته وكأن بينهما صداقة قديمة.
أما في الطريق، فكان الحديث سلسًا، خاليًا من التذمر، غنيًا بالمحفزات، محمّلًا بحب الوطن وكل ما يرفعه. وحين اقتربنا من الحي، أخذ يمرّ من شارع لآخر حتى دخل وقت صلاة العشاء، وكأنه أراد أن نختم اليوم بركعة.
كانت ساعتان، لكنهما في الوجدان تُشبهان يومًا كاملًا من السعادة والودّ والرضا.
عتبي الوحيد؟ أنه أخذني من منزلي بسيارته… ثم تركني أعود من المسجد مشيًا على قدمي بحجة أن “الرياضة مهمة”!
يوم جميييييييل