بلدية الخبر… حين تصنع المدن قياداتها

محمد البكر

ليست كل النجاحات المتشابهة مصادفات عابرة ، فبعضها يتكرر ليقول لنا إن وراءه بيئة تُنضج التجربة ، وتحتضن الفكرة ، وتُعلّم من يعمل فيها أن القيادة مسؤولية قبل أن تكون منصباً . وحين تتكرر الأسماء الناجحة الخارجة من المكان ذاته ، يصبح التأمل واجباً لا ترفاً .

ثلاثة مهندسين مرّوا من بلدية الخبر ، ثم واصلوا رحلتهم ، فحملوا معهم ذات الروح ، وذات الانضباط ، وذات الإيمان بأن المدينة كائن حيّ يستحق العناية لا الإدارة فقط .

المهندس عصام الملا ، الذي يتولى اليوم أمانة الأحساء ، قدّم نموذجاً واضحاً لعمل بلدي لا يكتفي بالمعالجة اليومية ، بل ينظر إلى المدينة كفكرة متكاملة . وما يُقال عن الأحساء اليوم لم يأتِ من باب المجاملة ، بل من شهادات زائرين رأوا التغيير ولمسوا أثره .

وفي حائل ، لم يكن النجاح حديث عابر أو انطباعاً عاطفياً ، بل شهادة صادقة سمعتها من أحد أبنائها قبل أن يعرف حجم العلاقة التي تربطني بالمهندس سلطان الزايدي . شهادة جاءت بعفوية ، وتحدثت عن أمين يعمل بإخلاص ليمنح مدينته ما تستحقه من جمال وتنظيم وحضور يليق بتاريخها ومكانتها.

أما الخبر ، فهي اليوم تواصل رحلتها مع رئيس بلديتها المهندس مشعل الوهبي، الذي لا يؤمن بساعات عمل محددة ، ولا يرى الوصول للمنصب نهاية الطريق ومبتغاه . فرغم تضاعف أحيائها حتى 41 حيا سكنيا وبلوغ مساحتها مايزيد عن 726 كم2 وعدد السكان أكثر من 660.000 نسمة ، ما زالت الخبر تحافظ على صورتها كمدينة أنيقة ، نظيفة ، عالية الجودة ، كأنها ترفض أن يكبر حجمها على حساب روحها .

هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا دعم الدولة أعزها الله ، ووضوح الرؤية ، وتمكين الكفاءات.
وليس الحديث عن هذا الثلاثي تقليلاً من غيرهم ، فالميادين مليئة بالمخلصين ، لكن اجتماع هذه التجارب الثلاث الخارجة من بلدية واحدة يفتح باب التساؤل الهادئ :

هل تصنع “الخبر” قياداتها؟
أم أن هذه القيادات قرأت روح المكان جيداً ، فانعكس ذلك نجاحاً حيثما حلّت؟

ربما هي مصادفة…
وربما بعض المصادفات أبلغ من ألف تفسير . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات