آه منكم يا القصمان ” بريدة “

محمد البكر

لا يمكن الحديث عن بريدة دون التوقف عند العقيلات ، أولئك الرجال الذين خرجوا من قلب القصيم يجوبون الآفاق بالتجارة ، وإن كانوا ينتمون إلى مدن متعددة ، إلا أن بريدة كانت مركز الانطلاق والذاكرة . واليوم ، يقف متحفان في المدينة شاهدين على تلك الرحلات الشاقة ، يوثّقان تاريخاً يؤكد أن التجارة التي أصبحت سِمة راسخة لأهل بريدة لم تكن وليدة اللحظة ، بل امتداداً طبيعياً لتلك الحقبة المضيئة من التاريخ.

أهل بريدة يمتلكون عقولاً نيرة ، قادرة على تحويل الحلم إلى واقع ، والفكرة البسيطة إلى مشروع قائم . تميّزوا بالوفاء ، والجدية ، والشهامة ، صفات لم تكن شعارات تُقال ، بل سلوكاً يومياً يُمارس . ويكفي أن ننظر إلى موسم التمور ، الذي تحوّل من نشاط محلي إلى مهرجان تسويقي على مستوى الخليج ، بل وصل صداه إلى العالم ، ليؤكد أن أهل بريدة يعرفون كيف يصنعون القيمة من الأرض ، والفرصة من التفاصيل .

الأجمل في بريدة أنك ترى الأطفال يتدرّبون على التجارة قبل أن يكبروا ، يبيعون ، يشترون ، يجرّبون أفكارهم ، مهما بدت بسيطة . هناك تُزرع روح المبادرة مبكراً ، وكأن السوق مدرسة ، والتجربة درس لا يُنسى .

بريدة ليست مجرد مدينة تجارية أو عاصمة إدارية للقصيم ، إنها منجم للرجولة والجدية . زرتها قبل أكثر من ثلاثين عاماً بدعوة من أخد أنديتها العريقة ، وعلقت ذاكرتي بها ، وتوطدت عبر صداقات وعلاقات أخوّة مع رجالها في المنطقة الشرقية . رأيت فيهم نعم الرجال ، ونعم الإخوة الكرام… فبقي ذلك الانطباع ثابتاً لا يتغيّر مع مرور الزمن . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات