الخطأ القاتل … السفر يكشف حقيقة الآخرين

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في مقالي بالأمس دعوتُ إلى السفر ما دام الإنسان قادراً عليه ، لأن السفر ينعش الروح ويعيد ترتيب الداخل ، ويهبنا ذكريات لا تُشبه ما نعرفه في أيامنا المعتادة . وبعد نشر المقال ، جاءتني تعليقات عديدة عن سبب ارتباط السفر بعبارة تتردد كثيراً بأن السفر يكشف حقيقة الأصدقاء.
هذا القول خطأ قاتل وظلم لمن يشاركك في رحلتك . فالسفر ليس دعوة للبحث عن العيوب ، ولا امتحاناً للنوايا ، بل هو توصيف بسيط لطبيعة الإنسان حين يُنزع من روتينه اليومي . فالسفر يضعنا جميعاً خارج مناطق روتيننا اليومي … مواعيد تختلف ، تعب الطريق ، مواقف طارئة ، وضغوط صغيرة قد لا نشعر بها في حياتنا المعتادة . عندها تظهر الطبائع كما هي دون رتوش أو سواتر، فهناك من يتعامل بخفة وترحاب ، ومن يتضايق سريعاً ، ومن يملك قدرة على التحمّل ، ومن يحتاج وقتاً أطول للتكيّف . وهكذا ..
ولهذا ، لا أرى السفر معياراً للحكم على قيمة أحد . فالبعض يرهقه السفر لكنه في حياته اليومية صاحب قلب كبير، والبعض ينسجم في السفر بصورة لافتة ويتحررمن كل القيود الإجتماعية والعادات التقليدية في حياته اليومية حتى لو كانت لا تسيء له أو لغيره .
لذلك ، فإني أرى أن السفر لا يكشف “الحقيقة” بقدر ما يقدّم لنا زاوية مختلفة فقط … زاوية تساعدنا على فهم من نرافقهم بشكل أعمق ، وتمدّ جسوراً جديدة بيننا وبينهم ، تماماً كما يمنحنا السفر نفسه رؤى جديدة عن الأماكن والحياة والروح . دون أن نتجاهل أن تلك التغيرات التي ظهرت على صديق السفر ، قد لا تتوافق مع أمزجتنا وتصرفاتنا . ولكم تحياتي
