من حارة بن دايل للبوليفارد 1/3
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
عادت بي الذكريات لما قبل أربعة عقود ونيف . عندما كنت مع مجموعة من أبناء الخبر ندرس في جامعة الملك سعود . في السنة الأولى كان لنا الحظ في السكن الجامعي في عمارة في شارع الخزان بجانب مقر نادي النصر . أما في السنة الثانية فقد تعقدت الأمور ولم أتمكن ” وحدي ” من الحصول على السكن الجامعي وكدت أعود للخبر لولا إصرار بقية الأصدقاء على الخروج من السكن والبحث عن سكن بإيجار معقول نتقاسمه فيما بيننا .
مجتمع الرياض في تلك الفترة ، لا يرحب بتأجير العزاب ، مما جعل من عملية البحث عن سكن يستوعب أثني عشر طالباً عزاباً شبه مستحيل . كدنا نفقد الأمل لولا أن الله سخر لنا تلك العجوز التي قبلت تأجيرنا بيت عربي قديم في حارة بن دايل – طريق الحجاز – . كان كل شيء آنذاك صعب المنال : التأقلم ، المسافة بين ذلك البيت ومقر الكلية في عليشه ، الطعام ، الجيران ، الإحساس بالغربة .. لكن وبالرغم من كل ذلك ، أعتبرنا تلك المرحلة ، مرحلة مفيدة وجميلة لأنها علمتنا أشياء كثيرة .
لا زلت أتذكر سوق عتيْقه الشهير للخضار والفواكه . كنت مدير ” العزبة ” وآخر كل شهر ، نذهب للتسوق من هناك وكأننا في نزهة ممتعة . وفي سوق الجملة كان هناك تاجر ” حضرمي ” . وعندما نطلب منه رز بشاور وحليب بو علم ، كان يقول : أكيد أنتم من الشرقية . ولا أنسى أول وجبة بروستد من مطعم أسمه ” بروستد الذهبي ” في المربع قرب إدارة الجوازات .
شارع الوزير – شارع الثميري – شارع دخنة – ساحة الصفاة – قصر المصمك .. كلها ذكريات لا ننساها أبدا .. أنتهت تلك الحقبة بخيرها ومصاعبها .
وغداً أكمل رحلتي في الرياض من حارة بن دايل إلى بوليفارد وورلد . ولكم تحياتي
