حين تجد نفسك في المكان الخطأ

محمد البكر

في الحياة مواقف تبدو عابرة ، لكنها تترك أسئلة طويلة خلفها . من ذلك أن يتلقى أحد الأشخاص دعوة لحضور مناسبة في منزل أحد رجال الأعمال ، ثم يفاجأ حين يصل بأن الحضور خليط من كبار المستثمرين وأصحاب النفوذ ، بينما هو لا ينتمي إلى هذا العالم . ورغم الترحيب والمجاملات ، إلا أن شعور الغربة يلتف حوله بصمت ، وكأنه يقف في ساحة لا تشبهه .

مثل هذه اللحظات تربك الإنسان . هل يحضر لأنه مُقدَّر عند صاحب الدعوة؟ أم يبتعد لأنه لا يريد ارتداء “ثوب أطول منه” فيبدو خارج السياق؟

صحيح أن الأمر ليس أسود أو أبيض . قبول الدعوات الراقية قد يكون فرصة للتعرّف والاستفادة ، فالأماكن الكبيرة لا تصنع قيمة الإنسان ، لكنها تكشف مقدار ثقته بنفسه. وفي الوقت ذاته ، يبقى التواضع فضيلة ، والإنسان الحكيم يدرك متى يكون وجوده طبيعياً ، ومتى يتحول إلى عبء داخلي عليه.

المعيار الحقيقي ليس حجم المناسبة ولا صفة الحاضرين، بل مدى انسجام الإنسان مع نفسه. فإن شعر بالراحة فالحضور إضافة ، وإن شعر بأنه يجرّ نفسه جراً إلى عالم لا يشبهه ، فحينها يكون الاعتذار ألطف وأصدق .

نحن نقف دائماً بين خيارين: أن نفتح الباب على اتساعه لما هو جديد ، أو أن نحافظ على حدودنا كي لا نفقد هدوءنا الداخلي.

وأنتم… لو تعرضتم لموقف كهذا ، دعوة تبدو أكبر من دوائركم ، هل ستحضرون بثقة؟ أم تعتذرون بهدوء !؟
ولكم تحياتي

رد واحد على “حين تجد نفسك في المكان الخطأ”

  1. يقول HANI ALAMEER:

    السلام عليكم ورحة الله وبركاته أبو أريج
    أشكركم على الطرح العميق والواقعي.
    برأيي، تنوّع المجتمع بأطيافه واختلاف طبقاته ليس سبباً للارتباك، بل هو ما يصنع التوازن الطبيعي في العلاقات البشرية ويمنحها التناغم والمرونة.
    فكما أن لكل شخص مجاله ودائرته، فإن تقاطع هذه الدوائر في مواقف معينة هو ما يثري التجربة الإنسانية ويُعلّمنا كيف نتفاعل بتلقائية مع الآخر.

    المواقف التي نشعر فيها بأننا “غرباء” قد لا تكون دليلاً على أننا في المكان الخطأ، بل قد تكون فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أنفسنا وفي العالم من حولنا.
    المهم هو أن نحافظ على هويتنا وثقتنا، دون تصنّع أو شعور بالنقص.

    الحضور بثقة لا يعني التنازل عن الذات، والاعتذار بهدوء لا يعني التقليل منها.
    في النهاية، الانسجام مع الذات هو البوصلة، وهو ما يُحدد متى نفتح الأبواب ومتى نكتفي بالمراقبة من بعيد.

    دمتم بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات