ابتزاز باسم التحرش
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بالرغم من أن سنّ قوانين مكافحة التحرش في كثير من الدول جاء لحماية النساء وصون كرامتهن ، إلا أن التطبيق العملي كشف عن جانب آخر من الإشكاليات ، حين تحولت هذه القوانين في بعض الحالات إلى وسيلة ابتزاز أو أداة للادعاءات الكاذبة . فقد أصبح الرجال يخشون التعامل العادي مع النساء أو حتى التوقف لمساعدتهن في المواقف الحرجة ، خشية أن يُفسّر تصرفهم بطريقة خاطئة أو يُستغل ضدهم باتهامٍ ظالم . هذا التخوف المبالغ فيه انعكس سلباً على النساء أنفسهن ، إذ باتت كثيرات يعانين من تجاهل المارة عند حاجتهن للمساعدة ، وكأن المجتمع دخل في معادلة صعبة بين الخوف من الاتهام والرغبة في المروءة .
ولكي لا تضيع نية الحماية الأصلية خلف هذا الاستخدام الملتبس ، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجهات التشريعية والقضائية والإعلامية معاً ، لتصحيح المفاهيم وإعادة الثقة . فالقوانين يجب أن تُطبَّق بحزمٍ وعدالةٍ متوازنة ، لا بناءً على العاطفة أو الانحياز، بل على أدلة واضحة وتحقق دقيق يضمن حقوق جميع الأطراف . كما أن من الضروري فرض عقوبات صارمة على من يثبت تعمده تقديم بلاغ كاذب ، لأن الادعاءات غير الصحيحة لا تسيء إلى الرجل وحده ، بل تهدم مصداقية القانون وتضر بالضحايا الحقيقيين . وفي الوقت نفسه ، على الإعلام والمؤسسات التعليمية أن تنشر ثقافة الوعي والاحترام المتبادل بين الجنسين ، وتوضح الفرق بين السلوك الطبيعي والتجاوز ، حتى لا تختلط النية الحسنة بالتصرف المرفوض .
إن العدالة في مثل هذه القضايا لا تتحقق بتغليب طرف على آخر، بل بتوازن يحمي المرأة ، فالقانون العادل ليس درعاً لجنسٍ دون آخر، بل مظلة أمانٍ للجميع ، تحفظ الكرامة وتمنح المجتمع شعوراً بالثقة والطمأنينة . ولكم تحياتي
