أنا .. بين أسعد عبدالكريم وجميل محمود
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تجمع بعض الشخصيات بين الصرامة العسكرية ورهافة الحس الفني ، في معادلة تبدو نادرة لكنها ممكنة حين يمتلك الإنسان طاقة استثنائية للحياة والإبداع . ولعل الفريق أسعد عبدالكريم مدير الأمن العام السعودي السابق، أحد أبرز النماذج التي جسّدت هذا التوازن الجميل بين الانضباط والإحساس ، فقد عُرف بصرامته في الميدان ، لكنه كان في الوقت ذاته عضواً شرفياً فاعلاً في نادي الاتحاد ، قريباً من الوسط الرياضي ، يقدّر الموهبة ويدعمها . ولم يتوقف عند ذلك ، بل أبحر في بحر الشعر الغنائي ، وتعاون مع نخبة من الفنانين ، لتخرج من كلماته أعمال خالدة تجمع بين عمق الكلمة وصدق الإحساس .
أما الموسيقار جميل محمود، فكان هو الآخر وجهاً مضيئاً يجمع بين الواجب والفن . تقلّد مناصب مهمة في وزارة الداخلية ، لكنه كان يملك قلب فنان وروح ملحن ، صاغ ألحاناً أطربت الأذن وأمتعت الذائقة . عرفته عن قرب حين كنا جيراناً في الخبر الشمالية ، وكنت حينها طفلاً في المرحلة الابتدائية أسترق السمع إلى نغمات تنبعث من منزله وأخشى من رتبته العسكرية ، دون أن أدرك أن ذلك الصوت سيكون لاحقاً جزءاً من ذاكرة الفن السعودي . ثم انقطعت أخباره عني لسنوات طويلة ، لكن بقي اسمه محفوراً في الذاكرة كأول من جعل الموسيقى جزءاً من الحارة .
وبين صداقتي بالفريق أسعد ، وجيرتي القديمة لجميل محمود ، وجدت نفسي أتأمل كيف يمكن للإنسان أن يكون ناجحاً في أكثر من ميدان ، وأن يحمل في قلبه مساحة يتجاور فيها الحزم مع الجمال ، والعسكرية مع الفن . إنها شخصيات تؤكد أن المواهب لا تحدها الرتب ، وأن الوطن يزهو حين يجتمع فيه الأمن والإبداع في قلب واحد . ولكم تحياتي
