الخنجر لحسن باكور… سرد باذخ وسخرية سوداء

حبيب عبدالله الشمري
حبيب عبدالله

عادة لا أخصص أو أستقطع وقتاً خاصاً لقراءة الكتب، إنما بحسب وقت الفراغ ومشاغل الحياة، وبحسب الحالة الذهنية ولكل كتاب استعداد نفسي خاص به، لكن عندما يكون الكتاب إهداء من صديق، وعندما يكون هذا الصديق هو القاص المغربي لحسن باكور Lahcen Bakour؛ ففي هذه الحالة أخصص وقتاً وطقوساً لقراءة الكتاب. وقد فعلت وأتممت قراءة مجموعته القصصية الجديدة (الخنجر) الصادرة عن دار بدوي للنشر بالقاهرة.
لست ناقداً يمكنه تقديم قراءة نقدية وفنية جيدة تستوفي الكتاب حقه، لكني قارئ ويمكنني قول ما يعجبني ويشد انتباهي في قراءة أي كتاب أو ترجمة.
في هذه المجموعة الجديدة يثبت لحسن باكور قدرته وبراعته في جعل القارئ قادراً على تذوق النص والكلمات كما ممدوح عدوان في ترجماته، وعلى التخيل والغوص بعمق في كل قصة وفي عقل كل شخصية، والتفكير فيما هو أبعد من صفحات القصة وخارج حدودها، وهذه من مواصفات الكاتب المتمكن في اللغة والسرد وصناعة الرمزية والخيال.
مجدداً يعود باكور إلى ممارسة رياضته القصصية عبر الرمزية التي هي أكثر ما يثير قارئ المجموعة أو حتى المجموعات السابقة مثل قصة “عصافير الروح” في مجموعة (الكراسي)، حين يعبر رمزياً عن موت الشخصية وهي امراة عانس بعصافير طائرة تخرج من صدرها وتطير عبر نافذة الصالون وتضيع في السماء. وكذلك قصة “الوقائع الغامضة لاختفاء المواطن أحمد البهجة” في مجموعة (الزرافة تظهر في غابة الإسمنت) حين يعبر رمزياً أيضا عن موت الشخصية وهو رجل يجبره الحنين العودة إلى حارته القديمة وسط مراكش ويجدها وقد هُدمت وتحولت إلى ركام وغبار، وعندما يعود إلى منزله يختنق بسبب منظر الحارة وذكريات طفولته وأصدقائه فيتحول إلى غبار ثم يتلاشى من نافذة غرفته. وما يتخلل هاتان القصتان من سرد باذخ ووصف ماتع.
في المجموعة الجديدة تعود الرمزية المثيرة في أشكال أخرى، مع استخدام جميل للاستعارة الصورية والإسقاطات الساخرة السوداء بحذر يتوافق مع حالة المشاهد والحالات الكئيبة للشخصيات، مثل: قصة “صباح أزرق” حين تستحيل هموم الحياة والوظيفة رجلاً سميناً فظاً يُكدر على الشخصية خلوتها مع نفسها في إحدى المقاهي، فيحاول جاهداً التملص من هذا الرجل المتطفل بصورة ساخرة وصعبة وطويلة حتى يهرب من المقهى بدون دفع الحساب.
ومن القصص الجميلة قصة”القناص الأخير” التي تميزت بالفكرة، وقصة “الأذن العملاقة”، التي تميزت كذلك بالرمزية والسرد الساخر. لا أستطيع سرد تفاصيل القصص بسبب خوفي من قتل متعة قراءتها، وكذلك بسبب عدم قدرتي على إيجازها بشكل لا يخل بفكرتها.

وبشكل موجز يمكن القول بأننا أمام كاتب جاد وتجربة قصصية رائعة يتجدد معها الإقبال على قراءة القصة.

القاص المغربي لحسن باكور المجموعة القصصية الخنجر دار بدوي للنشر بالقاهرة

القاص المغربي لحسن باكور المجموعة القصصية الخنجر دار بدوي للنشر بالقاهرة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات