قوة التفكير..بدون تفكير!

سجى آل رحمه

كيف لك أن تتصرف وتتخذ قراراً قبل أن تدرك بوعي ضرورة اتخاذ القرار؟ هل مررت بموقف يتطلب منك استجابة سريعة، ولم تكن تملك الوقت الكافي لجمع المعطيات أو لتحليلها تحليلاً مطولاً؟ وبدلاً من ذلك، وجدت نفسك تتحرك آلياً نحو ردة فعل غير مخطط لها؟ هل تحدثت في يوم ما بسرعة، بلا تفكير، ودون قرار واعٍ منك بالحديث، وعندما عدت إلى المنزل، بدأت تعيد سيناريو الحدث في عقلك مراراً وتكراراً، وأنت متفاجئ…لماذا قلتُ ذلك؟ من أين أتت القوة والصلابة حتى أتحدث بهذه الطريقة؟ لم أُخطط لفعل ذلك! إذن، من خطط؟ ومن فكّر؟ ومن اتخذ هـذا القــرار نيابة عنك؟

من جانب آخر، هل سبق أن دخلت مكاناً ما وشعرت بانقباض؟ وقلت في داخلك: مكان غير مناسب، غير مريح وخرجت دون تفكير، وقررت عدم العودة؟ وماذا عن الأشخاص الذين تقابلهم وتشعر بالارتياح تجاههم منذ اللحظة الأولى، وكأنك تعرفهم من قبل؟ وعلى النقيض، أشخاص آخرون تشعر تجاههم بالغرابة، وكأن شعوراً مخيفاً ومربكاً أصابك، ويدفعك للنفور دون سبب واضح.

هذا النوع من المشاعر وردّات الفعل كان يثير فضولي، ويطلق مئات الأسئلة في داخلي،حتى قرأت عن “التفكير اللمّاح” و”التفكير السريع” فوجدت الأجوبة!

أدركتُ أن العقل أحياناً يعمل باستراتيجية لا إرادية، وهي التفكير اللمّاح السريع حيث يصل العقل إلى استنتاجات، ويبني عليها قرارات وردات فعل، اعتماداً على الحدس، والتجارب السابقة، والانطباعـــات الشخصيــة، دون أن يُبلغنا بها على الفور.
باختصار: هي قوة التفكير… بدون تفكير!.

عندما تلمح ابتسامة باهتة، ويتصوّر عقلك القصة الحزينة وراءها، وعندما تستشعر خللًا في حديث ما وتشك في مصداقيتة، وعندما تمشي في طريق وتختاره دون غيره، وتعلم في قرارة نفسك أنه الطريق الصحيح..
قد نعتقد أن أنجح وأفضل القرارات هي تلك التي تُتخذ بعد وقت طويل من التحليل والبحث، لكن لا تستهِن بتفكيرك اللمّاح السريع، فهو سيد الموقف أحيانًا، وهو القادر على التقاط مئات التفاصيل والمعاني في ثوانٍ معدودة، دون الحاجة لجهد عقلي مرهق، إنه باختصار: فن اتخاذ قرارات معقّدة في جزءٍ من الثانية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات