الاستثمار والاستحمار

محمد البكر

في الأيام الماضية، شهدت منصات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية في إحدى الدول العربية موجة من الخطاب المسيء والشتائم الموجهة إلى دول الخليج عامة، وإلى المملكة العربية السعودية بشكل خاص؛ حيث فُتح قاموس الشتائم على مصراعيه، واستخدم المسيئون كل ما فيه من ألفاظ نابية دون مراعاة لأدنى مستويات الاحترام أو الذوق العام .

المؤسف أن هذا السلوك لم يقتصر على أفراد غير معروفين أو محدودي الثقافة، بل شارك فيه من يقدّمون أنفسهم على أنهم إعلاميون أو محللون سياسيون واقتصاديون ، ناهيك عن بعض المغتربين من تلك الدولة والمقيمين في أمريكا وكندا ، ممن يحملون جنسياتها والذين لم يتورعوا عن المشاركة في الإساءة ، وكأنهم في سباق نحو القاع بلا رادع أخلاقي أو قانوني.

نعلم جميعًا أن استخدام الشتائم ليس أمرًا صعبًا، فجميع اللغات تعج بها، لكن ما يميز المجتمعات الراقية هو قدرتها على ضبط الخطاب والالتزام بأخلاقيات الحوار ، وهو ما نتمسك به في مجتمعاتنا . بل إنني ترددت في استخدام كلمة “الاستحمار” في عنوان هذا المقال، لولا أنني عجزت عن إيجاد مرادف مهذب يحمل المعنى ذاته بدقة.

أما فيما يتعلق بالاستثمار ، فلا بد من التأكيد أن القرار الاستثماري لا يُتخذ بدافع العاطفة أو المجاملة ، إنما وفق معايير اقتصادية دقيقة تأخذ في الاعتبار عوامل الأمان والعائد والاستقرار . ثم أن الولايات المتحدة، بما تمثله من قوة اقتصادية واستقرار سياسي وقانوني ، تبقى خيارًا منطقيًا لأي مستثمر عاقل يسعى إلى تحقيق أعلى العوائد، والتي تصب في نهاية المطاف في مصلحة مواطنيه ، سواء من خلال دعم صناديق التقاعد أو تمويل المشاريع التنموية التي باتت اليوم بحاجة ماسة إلى تنويع مصادر التمويل بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط.

إن من حق المملكة، ومعها بقية دول الخليج، أن تقدّم مصالح شعوبها على أي اعتبارات أخرى، وليس من المقبول أن يُملي علينا الآخرون، خصوصًا ممن لا يملكون فهمًا عميقًا لطبيعة الاقتصاد العالمي، مثل أين نستثمر وكيف نخطط لمستقبلنا.

يبقى أن نقول لهؤلاء الذين أساءوا، إننا لسنا عاجزين عن الرد، ولكننا نرتقي عن المهاترات، احترامًا لأخلاقنا ومجتمعاتنا، لا خوفًا أو ضعفًا. ونحن كإعلاميين ومواطنين، نمتلك من الوعي والحجة ما يكفينا للرد على كل إساءة، ولكننا نختار الوقت والطريقة التي تليق بنا. ولكم تحياتي

رد واحد على “الاستثمار والاستحمار”

  1. يقول يوسف احمد الدليجان:

    هؤلاء الفئة من الناس يقتاتون على اعراض الآخرين وهذا هو متنفسهم ورزقهم وماتمليه عليهم أخلاقهم التي لاتمت للإسلام ولا الأخلاق بصله… الرد عليهم هو نزول الي الحضيض ومستنقع سؤ أخلاقهم… والعقلاء هم من يؤمنون بأن القافلة تسير والكلاب تنبح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *