من بيئة متواضعة.. أفضل معلم في العالم

قصة حصول المعلم السعودي الأستاذ منصور المنصور على جائزة أفضل معلم في العالم ، والتي تقدمها مؤسسة ” فاركي ” بالتعاون مع منظمة اليونسكو ، هي قصة ملهمة لابد من تسليط الضوء على المعلم قبل الجائزة .

يقول المنصور إنه تم تعيينه كمعلم في قرية صغيرة ذات مستوى معيشي متدنٍ ، وطلاب تلك المدرسة من متواضعي الدخل ، الأمر الذي جعل دافعيتهم للتعلم في أدنى مستوياتها . كان مبنى المدرسة مستأجر ، وكان المطبخ هو المكان الذي يمكن استغلاله للتعلم والإبتكار . باختصار كان كل شيء محبط . فلا المدرسة مهيأة ، ولا البيئة المعيشية تساعد للتعلم ، ولا ظروف الطلاب وشغفهم للتعلم يشجع أي معلم على قبول التحدي .

للوهلة الأولى ، يمكن القول إنه أصيب بإحباط شديد . لكن في الواقع ، دفعته تلك الظروف لتحدٍ جديد . تواصل مع جامعة الملك فيصل بالأحساء ، ونقل طلابه من مطبخ المدرسة إلى مكان يعتبر من أفضل عشر بيئات تعليمية في المملكة . قال لطلابه: إن المدرسة قامت بتقييم إمكاناتكم وقدراتكم واتضح أنكم من المتميزين الموهوبين . والمفاجأة أن الطلاب اقتنعوا بذلك مما ساهم في تحقيق عدد منهم ميداليات ذهبية في أكثر من مسابقة داخلية وخارجية .

جمع المدرس أولياء الأمور ، وهم من البسطاء غير المتعلمين ، وطلب منهم السماح له باصطحاب طلابه خارج أوقات الدراسة ، فوافقوا دون تردد . ثم استخدم سيارته الصغيرة لنقل طلابه إلى معرض الابتكارات في الجامعة .

يقول معلم الأجيال هذا: إن الطالب بالنسبة له يعتبر استثمارا وطنيا . لهذا حرص على غرس هذا المفهوم في أذهان طلابه ، والذين أصبح بعضهم أطباء ومبدعين وذوي مناصب كبيرة في لقطاعات التي عملوا فيها . أما عن الجائزة التي حققها فقال إنها بلا شك مهمة للغاية ، ليس لأنني حققتها ، بل لأنها تُسٓجل لوطني المملكة العربية السعودية ، ولأنها تترجم طموحات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان يحفظهما الله .

الكلام عن هذا المعلم القدير الطموح لا ينتهي . رحلته مليئة بالتحديات والرؤية الفاحصة . فرغم أن تخصصه علوم زراعية ، إلا أنه نجح في الحصول على دبلوم التربية ، ثم دخل كلية التربية وحصل على شهادة البكالوريوس ثم الماجستير مع درجة الشرف الأولى .

رحلته التعليمية ملهمة . وتحدي الظروف رسالة عظيمة . فكم أتمنى أن تعمم تلك الرحلة على جميع المعلمين . فقد جمع ما بين دعم الطلاب الفقراء ، وعدم الاستسلام للبيئة والظروف والإمكانات المتواضعة . ولكم تحياتي