حين يكون الحزن أكبر مما تحتمل

محمد البكر

ليس فينا من لم يفقد عزيزاً عليه . فسنة الحياة أن الموت حق ، والفراق حاضر مهما يطول الزمن ، والحزن إن زاد تحول إلى ” حسرة ” لا تحتمل . هل كانت صدفة أو مصادفة أن يكون وقت وفاته هو وقت فتح باب ديوانيته التي استمرت لأكثر من ربع قرن !؟ . في الثامنة مساءً من كل يوم أربعاء ، نتوجه مع بقية الأصدقاء لتلك الديوانية المباركة . حتى وإن كان خارج المملكة في إجازاته تبقى تلك الديوانية مفتوحة نلتقي فيها ونتسامر ونتناول وجبة العشاء .

بالأمس ونحن نستعد للتوجه للديوانية في نفس توقيت كل أربعاء ، وصلتنا رسالة بأن أخينا وحبيبنا خالد الحمدان ” صاحب الديوانية ” قد أنتقل إلى رحمة الله . ولأول مرة في حياتي أدرك المعنى الحقيقي ” للصدمة ” . تسمرت في مكاني .. لم أعرف كيف أتصرف ، وكيف أقود سيارتي وأنا أمام هذا الخبر الجلل . فهذا صديق عزيز منذ المرحلة المتوسطة ” قبل 50 سنة ” . ذاكرتي تبلدت ، كأنها غير مصدقة لهذا الخبر المفجع .

قبل أسبوع ” حلمت ” حلماً مفزعاً . ومن شدة تأثري قمت من نومي في حالة من الخوف الشديد . إذ كنت مع أحد الأصدقاء المقربين مني ، ودخلنا في أحد الأحياء ثم أختفى هذا الصديق بشكل مفاجئ . تلفت يميناً ويساراً علني أجده فلم يكن له أثر . ثم تفاجأت بأني أمر في طرقات موحشة ، وكان هناك من يريد إيذائي ، وكنت أرتجف من الخوف ، لكني كنت أحاول معرفة أين ذهب صديقي . أنتهى الحلم وأنا في حالة يرثى لها دون أن أجده .

قصصت الحلم على زوجتي أم فجر ، وهي تنجح كثيراً في تفسير الأحلام . لكنها سكتت ، ولم ترد أن أعرف تفسير الحلم ، لكنها أضافت أتصل على صديقك وتأكد أنه بخير دون أن تعلمه بحلمك .
لم يكن الصديق الذي كان معي هو ” خالد ” يرحمه الله ، بل صديقاً آخر . في اليوم التالي قلت لها أني أخشى أن يكون ذلك الصديق هو ” خالد ” كونه في المستشفى لإكمال علاجه . وظل القلق يراودني رغم تطمينات أبنه فيصل إلى أن تلقيت خبر رحيله المؤلم .

رحل عنا هذا الرجل ، دمث الأخلاق ، الكريم بلا حدود ، الصديق الصدوق ، صاحب الفزعات ، رجل الخير والمبرات . رحل تاركاً في قلوبنا حسرة على صديق لا مثيل له . فلا نقول إلا إنا لله وإنا إليه لراجعون .

سنودعه للمرة الأخيرة يوم الجمعة في مقر إكرام الموتى الذي كانت له اليد الطولى في بناءه والإشراف عليه . ولعل هذا المقر يكون شاهداً له كواحد من رجال الخير والعطاء . وداعاً أبا فيصل . ولكم تحياتي

3 ردود على “حين يكون الحزن أكبر مما تحتمل”

  1. يقول خالد المزعل:

    احسن الله عزاكم وعزانا.
    اللهم اغفر له وارحمه وأعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله ، واغسله بماء وتلج وبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس . اللهم طيب ثراه وأكرم مثواه واجعل الجنة مأواه وغفر الله لوالدينا وجميع موتى المسلمين وإنا لله وإنا إليه راجعون.

  2. يقول عبدالرزاق الدليجان:

    رحم الله الاخ خالد الحمدان واسكنه فسيح جناته وعظم الله اجركم اخ محمد وعزائي لجميع اخوانه الاكارم وابنه فيصل وجميع ال حمدان
    وانا لله وانا اليه راجعون

  3. يقول يوسف احمد الدليجان:

    ليس هُناك أشد قسوةً وألماً على الشخص أكثرُ مِن أن يسمع نبأ وفاةِ صديقٍ كان أقربُ مِن أخٍ له. خاصةً إذا ما كان الصديق وفياً صادقَ الوعدِ لهذهِ الصداقة لآخرِ لحظةٍ قَبل أن يأخذهُ الموت مِن صديقه. على الرّغمِ مِن أنّ الموت حقٌ على كُلِ إنسان، إلا أنّهُ الأقسى والأصعب والأفجَع على النفسِ، ولا يبقى لنا سوى تذكُر الذكريات التي كانت تجمعنا معهُم والدعاء لهم في قبرهم…. رحم الله ابوفيصل (خالد الحمدان) رحمة واسعه واسكنه فسيح جنانه وجعله بالفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وعظم الله اجركم ابوأريج وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *