الديون المتعثرة في البنوك السعودية الأقل عالمياً

دور البنوك الرئيس هو تشغيل ودائع العملاء باستثمارها في التمويل لتلبية الحاجة إلى القروض التي تساهم في تنمية الأنشطة الاقتصادية وتلبي احتياجات الأفراد التمويلية الشخصية والعقارية، وتختلف طبيعة القرارات التمويلية للبنوك حسب مدة القرض، والهدف منه ويعود مثل هذا التصنيف بصفة خاصة إلى طبيعة العملية بحد ذاتها، وحجم المبلغ المقدم وطبيعة المخاطر، ثم تبدأ مرحلة الدراسة الائتمانية للعميل والتي تركز على ثلاث أساسيات، الأولى الثقة والسمعة وهنا قد يتوقف البنك عن الاستمرار في الدراسة الائتمانية متى ما وجد أي معلومة قد تقدح في هاتين الصفتين، وبعد إنشاء الشركة السعودية للائتمان (سمة) أصبح الحصول على المعلومة أسهل من خلال تفحص السجل الائتماني للعميل، وبعد التأكد من سمعة العميل تبدأ مرحلة دراسة القوائم المالية لثلاث سنوات سابقة والتأكد من سلامتها من خلال تحليل الأرقام واستخراج النسب المالية لتحديد نقاط قوة وضعف الشركة من حيث الوضع المالي، ويستدل من تحليل النسب والتدفقات النقدية على قدرة الشركة للوفاء بالتزاماتها المالية، وأخير دراسة مخاطر النشاط وتحديد نسبة المخاطرة التي قد يتعرض لها البنك وعلى ضوء ذلك يتم منح العميل القرض وقد يطلب البنك ضمانات لمواجهة أي تعثر في السداد، البنك المركزي السعودي يقوم بدور مهم للمحافظة على البنوك من مخاطر الائتمان، ولذلك قد لا تروق قراراته المتشددة للبنوك التي ترغب في استغلال أي فرصة سوقية تساهم في رفع إيراداتها، الأزمات الاقتصادية التي مرت على العالم وتسببت في انهيار كيانات مصرفية عملاقة، في المقابل نجد أن البنوك السعودية تمر من هذه الأزمات دون ضرر بل إن جدارتها الائتمانية تزداد صلابة مع كل أزمة، تجعلنا نؤيد تشديد إجراءات البنك المركزي السعودي وممارسة دورة الرقابي الصارم، وأن تخسر البنوك فرصا سوقية أفضل من خسارة ثقة المتعاملين معها، في جريدة “الرياض” تعودنا سنويا على إعداد تقرير مفصل عن الجدارة الائتمانية للبنوك السعودية، بناء على تحليل القوائم المالية للبنوك السعودية، في هذا التقرير ركزنا على الديون المعدومة التي تقوم بشطبها البنوك سنويا لأن بعض الوسائل الإعلامية تنشر الأرقام دون تحليلها تحليلا دقيقا، ما قد يتسبب في حدوث لغط لدى المتلقي قد تهز ثقته في البنوك، الشركات والبنوك تقوم بشطب ديونها المتعثرة من أجل تحسين جدارتها الائتمانية وفي المتوسط تقوم الشركات بشطب ديونها المتعثرة التي مر عليها ثلاث سنوات دون سداد، أما البنك المركزي السعودي لديه سياسة أكثر تحفظا في التعامل من الديون المشكوك في تحصيلها، حيث ألزم البنوك بتحويل الدين إلى دين مشكوك في تحصيله بعد مرور 90 يوما من التأخر عن سداده وشطب أي قرض متعثر مر عليه 360 يوما، بالإضافة إلى تطبيق المعيار الدولي الجديد لإعداد التقارير المالية (9IFRS) الذي يتضمن إطارا محاسبيا يتوقع خسائر الائتمان، وطبقا للمعيار تقوم البنوك بتكوين مخصصات لمواجهة المخاطر على أساس توقعي بهدف الاعتراف المبكر بمخاطر الائتمان.

الديون المعدومة ما هي إلا إجراء محاسبي يخرجها من قوائم البنوك المالية وتبقى في سجلاتها وتستمر عملية التحصيل والمقاضاة لاستردادها وإعادة قيدها في القوائم المالية، شطب الدين في البنوك يتم بعمل قيد محاسبي من حساب المخصصات إلى حساب الديون المشكوك في تحصيلها، وعند تحصيل الدين المعدوم يتم قيده في حساب المخصصات مما يساهم في تخفيض قيمة المخصصات التي تجنبها البنوك وتؤثر إيجابا على صافي أرباحها، وبالرجوع إلى الديون المعدومة في البنوك السعودية تظهر لنا الأرقام أن البنوك شطبت في عام 2023 حوالي 16.8 مليار ريال بزيادة بلغت حوالي 4.5 مليارات ريال بنسبة نمو حوالي 37 % مقارنة مع عام 2022، وعلى الرغم من هذه الزيادة الكبيرة في قيمة الديون المعدومة إلا أنها ساهمت في خفض الديون المتعثرة بحوالي 4.2 مليارات ريال، أما الديون المشطوبة سابقا فقد نجحت البنوك في تحصيل ما يقارب 5.5 مليارات تمت إضافتها إلى حساب المخصصات ونتج عنها زيادة في تغطية المخصصات للديون المتعثرة إلى 1.6 مرة في عام 2023 مقارنة مع 1.5 مرة في عام 2022، وكذلك انخفضت نسبة القروض المتعثرة إلى صافي محفظة التمويل من 1.6 % في عام 2022 إلى 1.2 % في عام 2023 وهذه النسبة تعتبر من أقل النسب على مستوى البنوك عالميا، الديون المعدومة ليست بالضرورة سلبية مهما زادت قيمتها بل هي في الغالب جيدة للصحة المالية للبنوك ويقاس نجاح البنك بكفاءته في تحصيل الديون المعدومة وإعادتها إلى قوائمه المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *