بين البناء والهدم

كلنا ندرك بأن البناء يحتاج لجهد وبذل ، يحتاج لصبر وإرادة وتحد للمعوقات ، يحتاج لتضحيات ، يحتاج لزمن قد يمتد لسنوات . بينما الهدم ، لا يحتاج إلا إلى قرار ، وتنفيذه قد لا يستغرق أكثر من بضع ساعات . لا يختلف الأمر إن كان بيتاً من حجر، أو علاقة بين بشر.

الحياة لا تخلو من الخلاف والاختلاف . وإن كان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية . إلا أن الخلاف يصبح مثل السوس يبدأ سهلاً وبسيطاً، قبل أن يكبر ويتعاظم وتتباعد بسببه النفوس .

أصدقاء مضى على صداقتهم عشرات السنين ، بينهم أفراح ومحبة وود وألفة وعشرة . وفي لحظة غضب يتبدل هذا الحب إلى كره ، والألفة والعشرة إلى تنافر وتبادل للتهم ، ويتحول حبل المودة المتين الذي يربط بينهم ، إلى حبل يخنق به كل منهما الآخر . ينسون اللحظات السعيدة ، والتضحيات المشتركة ، والرحلات والسفرات التي جمعتهما معاً ، ولا يتذكرون إلا لحظات الغضب والتهم المتبادلة والمواقف المحزنة ، والتي تزيد الخلافات وتؤججها .

العلاقات بين البشر، لها قيم إنسانية لا يمكن تجاوزها ، كالوعود والوفاء والتضحية وتبادل المشاعر الجميلة . وهذه القيم هي كلمة السر في أي علاقة ، وهي الأعمدة التي تقوم عليها أي علاقة طبيعية .

يقال إن الحياة المشتركة محطات … بعضها مريحة للنفس ومليئة بالفرح والتفاؤل والذكريات الجميلة ، وأخرى مملة بائسة تسرق البسمة من الوجوه والأفواه . فلماذا نتوقف في محطات البؤس تلك ، وننسى أو نتناسى محطات الفرح والأمل التي جمعتنا معا !؟ من يريد للعربة أن تسير حتى لو بعجلة واحدة ، يمكنه دفعها للأمام . ومن يريد عرقلتها يكفيه دون جهد وضع العصا في العجلة لتتوقف .

الظروف وحدها لا تسرق المشاعر من نفوس المحبين ، ولا تمس الأحاسيس التي يتبادلونها . لكن الأنانية وحب الذات ، هي أخطر فيروس قاتل يهدد أي علاقة . وتتضاعف خطورتها عندما تتأثر أطراف أخرى لا ناقة لها في هذا الخلاف ولا جمل .

لا تهدموا علاقاتكم مع من أحببتم ، ولا تدمروا بيوتكم بعد أن بنيتموها بالتسامح والتعاون والتضحيات . وضحوا لأنفسكم ، وحياتكم ، وأستقرار من هم حولكم . ولكم تحياتي

رد واحد على “بين البناء والهدم”

  1. يقول افراح احمد:

    شكرا لك استاذ محمد كلامك درر ونصائح هامه .اللهم الامان والحب للعلاقات والبناء لا الهدم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *