ليونيل أندريس ميسي كوتشيتيني

لاعب كرة “قدم” أشهر من نار على علم، أغلى لاعب في العالم وأشهرهم، حقق في الأسبوع الفائت هذا الأرجنتيني القصير القامة والمولود في “24 يونيو 1987م” رغبته في ترك ناديه الذي أشهره: “برشلونة الأسباني”؛ فقد بدأت مشاكله مع النادي في العام الماضي 2020م عندما أبلغ ناديه برغبته في الرحيل، لكن إدارة النادي وجدت في رغبته هذه تحد كبير لها أمام جمهور النادي داخليًا وعالميًا؛ فاتخذت هذه الإدارة الوقوف بحزم أمام رغبته وأبدت عدم ممانعتها على مغادرته شرط دفع بند الجزء عليه إذا ترك النادي دون اتفاق وهو صدق أو لا تصدق “700” مليون يورو أي (3,500,000) ثلاثة مليار ونصف ريال سعودي (أربعة عشر مليار ونصف جنية مصري). لذلك أضطر مدير أعماله وهو بالمناسبة والده ومدربه في بداية حياته الكروية إلى التراجع بعد محاولاته تغيير رأي مجلس الإدارة. وكما يقال عند حدوث كسر في جرة لا يمكن أن تعود الجرة إلى هيئتها الأولى؛ فاضطرا صاغرين على البقاء موسم آخر. ورغم “دموعه في مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه رسميًا ترك النادي” إلا أن قرار الاتحاد الأسباني الذي منع زيادة رواتب اللاعبين عن رقم معين، كان الحبل الذي تعلق به “مدير أعماله” والده الكاره لإدارة النادي الحالية، والراغب في الخروج من أسبانيا، وأظن أن الوالد هو وراء كل هذا الضجيج.

على كل حال ومع تنازله عن نصف مرتبه -كما قال في المؤتمر الصحفي-إلا أن النادي لعدة أمور منها انخفاض دخله بسبب “إجراءات كورونا!!”، لم يتمكن من تجديد العقد معه؛ وهكذا تدخل الفريق الفرنسي “سان جرمان” وخطف أشهر لاعبي العالم صاحب السنوات “34” عامًا. بعد أن دفع مبالغ يسيل له اللعاب.

والذي لفت انتباهي في الأمر أن أتحاد كرة القدم الأسباني لم يعر التأثير السلبي على كرة القدم الأسبانية أي اعتبار؛ فلم يتوقف –كما تفعل ما يسمى بالاتحادات الرياضية في بلادنا العربية من مجاملة للأندية الكبيرة ولاعبيها؛ فتجد القانون يطبق على النادي غير المدعوم إعلاميًا أو حكوميًا، أما المدعوم فتأتيه الاستثناءات كما تأتي لأولاد الذوات. أقول هذا لأن نسب كثيرة أنخفضت في الدوري الأسباني وزادت لدوري الفرنسي، مثل: قيمة الدوري الأسباني وارتفاع قيمة النقل التلفزيوني لدوري الفرنسي، زيادة نسبة متابعي الدوري الفرنسي مقارنة بانخفاضها في الأسباني، بمعنى آخر خسائر مالية ومعنوية لا حصر لها، لكن الاتحاد أصر على تطبيق القانون الذي وافقت عليه الأندية.

كيف أصبح هذا الأرجنتيني القصير القامة لاعبًا في النادي الأوروبي “برشلونه”، قصة انضمامه تعود إلى ما قبل أكثر من “25” عامًا، عندما تبين لعائلته (أبوه عامل في مصنع، وأمه عاملة نظافة)، إصابة أبنهما بمرض “نقص هيرمونات النمو”. وهما –بالمناسبة- من أصول إيطالية، فالفكر الاجتماعي الغربي مرن في تقبل الآخر وداعمًا له، فالجد هاجر إلى الأرجنتين من إيطاليا، والأسرة انتقلت إلى أسبانيا من الأرجنتين (وجنسيتهما ليست من الفئة الثانية أو الثالثة). في حين في بلادنا العربية لا يستطيع العربي البقاء إلا لمدة محدودة في بلد عربي آخر (مع تشدقنا ليل نهار بالعرق الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة …. إلى غيره من شعارات الكذب)؛ أقول أن سبب انتقاله إلى أسبانيا “اتصال هاتفي” من أحد أقارب “ميسي” إلى مسئول في النادي الكتلوني (تأسس عام 1899م)، ولفت انتباه المسئول إلى إمكانياته ميسي الواضحة؛ والغريب أن هذا المسئول لم يغلق السماعة في وجه المتصل ولم يقل أنت من الأرجنتين، بل دعاه وعائلته لزيارة النادي، واتفقوا على انضمامه إلى النادي نظير دفع تكاليف علاجه من مرضه (لتعذر ذلك في بلده)، وهكذا انتقلت العائلة إلى برشلونة.

ومع النجاحات الهائلة التي عاشها ميسي في هذا النادي، فقد عرفه العالم من خلاله وبسببه أصبح أغنى لاعبي العالم وأشهرهم؛ لذلك قد يسأل أحدهم: هل من المقبول أن يترك ميسي ناديه بل منزله بهذه البساطة؟ علمًا أن دخله في العام الواحد لعدة سنوات وصل إلى “170” مليون يورو؛ وفي ظني أن ميسي انقاد وراء رغبات والده بسبب خلافاته مع القضاء الأسباني لتهربه من دفع الضرائب وإنشاء شركة لتبييض الأموال، وحُكم عليهما بالسجن مدة “24” شهرًا.

وأتفق مع أخي المهندس “أسعد أحمد الشيمي”، في أن ميسي فَقَدَ بتركه نادي برشلونه دخول التاريخ، فاستمراره في النادي سيدفعه إلى تسمية إحدى منشآته باسم ميسي، أو يترك له تمثال يخلده.

وهذا اللاعب الكبير الذي استقبل من النادي الفرنسي استقبال الملوك، سجل مع ناديه السابق في المواسم “17” الماضية، “683” هدفًا من “810” مباراة في المناسبات الرياضة: “الدوري الممتاز، وكأس الملك، وبطولات أوروبا”، وحصل تقريبًا على معظم الجوائز العالمية في مجال كرة القدم، أقول يتمتع كما يشهد بذلك رفاقه بخلق رفيع وحياء غير معروف في تلك المجتمعات، فوالدته تقول عنه “أن ميسي لا يرفع عيناه أمام أخويه، الأكبر سنًا منه” احترامًا وتقديرًا لهما.

لا شك أن ميسي في العامين القادمين غير ميسي الذي عرفه العالم في العشرين السنة الماضية، فقد طبق المثل “حرك تبلش”.