الرأي

أبها وخميس مشيط

د. سليمان الذييب

كاتب وباحث وأكاديمي سعودي

تُعد المملكة العربية السعودية صاحبة العمق الحضاري والتاريخي من أكبر الدول الإسلامية مساحة؛ وفي العصر الحديث وتحديدًا في ظل الدولة السعودية الثالثة التي قامت على يد مؤسسها صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، زادت أهميتها الاقتصادية وتاثيرها السياسي، وأن غلب على قادتها محاولاتهم عدم إظهار هذه الإمكانيات بشكل واضح وبين.

وتتكون المملكة جغرافيًا من مناطق متباينة في عدد من الأمور، فهناك المناطق الصحراوية والجبلية والساحلية، كما تتبابن في طقسها صيفًا أو شتاءًا فمنها البارد صيفًا، مثل منطقتي: عسير، والباحة، ومنها المعتدل، مثل محافظة الطائف. وهناك المناطق شديدة الحرارة، مثل: مناطق الوسط والشرق والغرب. أو تلك الشديدة البرودة شتاءً، مثل مناطق شمال المملكة.

وهذا التباين والتقاطع لا شك أنه عامل أساس في نمو أي مجتمع، بل عامل قوة لأي دولة في التاريخين القديم والمعاصر، شريطة أن يحظى بقيادة توفق في استثمار هذا التقاطع وإدارته بشكل صحيح. إذ يندر أن تجد دولة تمتاز بما تملكه هذه البلاد من قيم متعددة: الدينية والجغرافية والبيئة والسكانية ….إلخ. ويتبين هذا عند مقارنتنا المملكة بالدول المحيطة بها العربية أو الإسلامية.

ومن هذه المناطق الغنية بامكانياتها منطقة عسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية وتبلغ مساحتها (81,000)، ويزيد عدد سكانها عن المليونين والربع (2,261,618)،  وتضم مدينتين هامتين: أبها وخميس مشيط، الأولى يعيد البعض اسمها -وهوغير مرجح- إلى ايفا المدينة التي ورد ذكرها في المصادر القديمة، والثانية من مقطعين: الخميس نسبة إلى سوقها المشهور بالخميس، والثاني يعود إلى عائلة كريمة تحكم المنطقة منذ عقود طويلة إلى يومنا الحاضر وهي عائلة “آل مشيط”.

وترتفع أبها عن سطح البحر ب (2200مترًا) أكثر من خميس مشيط بأربع مئة مترًا. وكلاهما تتميزان بطقس جميل صيفًا، جاذب للمصطافين والزوار.

وسعدتُ مثل غيري من أبناء هذا البلد الطيب في قضاء عدة أيام في هاتين المدينتين في هذا الشهر، فكان سكني في العاصمة التجارية للمنطقة “خميس مشيط”، واستمتاعي وجولاتي في أبها وجوها اللطيف. لكن ما لفت انتباهي مع روعة الجو وحسن التعامل -ويشهد الله ان الأخيرة ليست مجاملة- الحاجة الماسة من الجهات ذات العلاقة لهاتين المنطقتين اللتين تمثلان العينين في الوجه، فمع المشاريع الضخمة التي لمستها ويلمسها أبناء المنطقة وزوارها، إلا أنها في حاجة إلى نظرة مختلفة تجعل منهما مشاركتين رئيسيتين في الدخل القومي للبلاد، عن طريق بلورة خطة استراتيجية تأخذ في الحسبان إمكانياتهما ومميزاتهما.

وفي السنوات الخمس الأخيرة وبدعم كامل من لدن خادم الحرمين الشريفين ومتابعة لصيقة من لدن صاحب السمو الملكي ولي عهده الأمين- اعتمدت خطة (يسميها البعض رؤية) ارتكزت كما قال سموه الكريم على الاستفادة من إمكانيات المملكة البيئة وثرواتها التي مع الأسف لم تنل خلال العقود الماضية الرعاية والاهتمام، ولم تحظ بخطط واضحة للاستفادة منها بالشكل الصحيح.

ومن الجوانب التي ركزت عليها الرؤية هو جانب الاستثمار السياحي الذي أخذ حيزًا معتبرًا في استراتيجية الخطة (الرؤية)؛ ومنها الاهتمام الشخصي من لدن سموه بمنطقتين هامتين، هما: العلا ونيوم، ونظرًا لاهتمام القيادة بهاتين المنطقتين باعتماد استراتيجية الاستثمار الترفيهي والسياحي، فقد سارت بقية المناطق الأخرى على النهج نفسه في محاولة من قياداتها تقليد ما يُنفذ حاليًا في هاتين المنطقتين؛ وفي تصوري أن هذا التقليد أو الاعتقاد إذا لم نوقفه عن طريق الحوكمة أو المراقبة فسنجد أنفسنا في الأيام القادمة كحال جامعاتنا التي تزيد على الثلاثين جامعة حكومية كربونية، بمعنى أن الجامعات الجديدة تقلد ما تتبناه الجامعات الكبرى خصوصًا جامعة الملك سعود، فتحول التعليم الجامعي عندنا إلى نسخ كربونية. ولهذا أتمنى أن تكون لهاتين المدينتين خطة مختلفة، تعتمد على ما تمتازان به.

وفي البداية سأخذ في الحسبان عاملين مهمين، أولهما: الكثافة السكانية الواضحة إذ يبلغ عدد سكانهما ما يزيد بقليل عن المليونين، نصف مليون في المدينة التجارية “خميس مشيط”؛ ثانيهما: أن نسبة الشباب، الذين أعمارهم تقل عن الثلاثين عامًا تصل إلى 87%؛ مما يستوجب خلق فرص توظيفية مناسبة بمشاريع استرتيجية مختلفة عن تلك التي نراها اليوم في محافظة العلا أو منطقة نيوم والتي اعتمدت بشكل واضح على الاستثمار في الجانبين الترفيهي والسياحي. وأن كان هذا الاستثمار جائز، بل ومطلوب في شمال غرب المملكة العربية السعودية لاختلاف البيئة، فإني لا أراه كذلك في منطقة عسير، ففي تصوري أن الاستثمار الأمثل هو: “الاستثمار في ثلاثة أمور: الثقافية والزراعية والصناعية”، فما تتميز به المنطقة من أرث ثقافي معماري أو مادي لا نظير له إلا في المدينتين المقدستين: مكة والمدينة اللتين اختفت فيهما الثقافة والتميز المعماري -نظرًا لخصوصيتهما والحاجة الماسة إلى توسيعات الحرمين الشريفين لتزايد الكبير في العقود الخمسة الماضية- في أعداد الحجاج والمعتمرين بسبب الأمن والأمان وسهولة الوصول إلى الأماكن المقدسة، وهو ما قامت به الحكومات السعودية المتعاقبة مشكورة.

لذلك فالأمر في هاتين المدينتين يحتاج إلى عصر ذهني بقيادة أميرها صاحب السمو الملكي الأمير “تركي بن طلال آل سعود”، الذي يتمتع بحس وطني كبير؛ فلعل سموه الكريم يجد ما يناسب المنطقة- في الآتي:

1- توجيه سموه الطاقات الوطنية ذات الخبرات في بلادنا وفي مقدمتها منسوبي جامعة الملك خالد التي تحتضن أكثر من (85) ألف طالب بكليات بلغت أكثر من (52) كلية لوضع خطة تتماشى في أهدافها مع رؤية (خطة) المملكة العربية السعودية الطموحة، تتمثل في اختيار مسار اقتصادي واضح للمدينتين أخذين في الحسبان إمكانياتهما البيئية والحضارية والسكانية. فنحن لا نريد ان تتبارى المناطق على الأهداف والمشاريع ذاتها، غاضين الطرف عن خصوصيات كل منطقة وإمكانياتها.

2- التفعيل الحقيقي للهيئة الملكية لتطوير عسير، التي صدر الأمر الملكي السامي بإنشائها في العام الميلادي 2018، ومع الأسف -وقد يكون هذا تقصير مني- لم الحظ اي نشاطات أو برامج لهذه الهيئة، فعندما سألت عنها “الشيخ قوقل”، أجابني في نصف صفحة لا غير!!!!!

وفي ظني ان من المشاريع الملحة مشروعان، هما: ربط مدن المنطقة بشبكة من الطرق السريعة، التي ستكون عونًا لعودة الزوار إليها مرارًا وتكرارًا، وكذلك ربطها بقطار أو مترو أرضي؛ خصوصًا مدينتي أبها وخمبس مشيط، ولا شك عندي أن هذه المشاريع ستخفف من عوائق تقدمهما ورقيهما (ولا أظنه سيكلف مبالغ كبيرة).

3- وضع تعريف دقيق للجانب الثقافي، وهو ذلك الجانب الترفيهي المنتهي بفائدة، فالمنطقة تختزن عناصر معمارية عربية أصلية ما زالت مستخدمة إلى يومنا الحاضر، فالنمط المعماري الذي راعي بيئة المنطقة استبدل لأسباب عدة بالنمط المعماري الحديث، وأن قبلنا هذا إلى حد كبير في خميس مشيط، فإننا يجب ان نحذر منه في مدينة أبها ومحافظاتها التي أتمنى أن تعمل هيئة تطوير عسير على تشجيع البناء على النمط المعماري المحلي من خلال إعفاء الذين يقومون بالبناء المحلي من الرسوم المطلوبة من البلدية والكهرباء والمياه؛ على أن تبقى أبها ومحافظاتها خالية من المصانع المتوسطة والكبيرة، ولعل اتخاذ الهيئة قرارًا في اختيار محافظات معينة أحياء معينة في أبها لا يسمح بالبناء فيها إلا بالنمط المحلي المتميز، يعطي ساكن المدينة الخيار في اختيار الحي الذي يرغب الاستقرار به. وهذا النمط أي استخدام الأنماط المعمارية المحلية، معروف في عدد من الدول الغربية المتقدمة، خصوصًا في سويسرا والنمسا، فتجد قراها ما زالت على نمط البناء القديم كأنك تعود إلى القرون الوسطى، ومن التقنية الحديثة كأنك في القرن الثاني والعشرين بالنسبة للعالم الثالث. فمن المهم -في تصوري- اتخاذ خطة بعد دراستها وقبولها من أبناء المنطقة الأكارم، بحيث تمتاز ابها ومحافظاتها المحافظة على هذا الأرث الحضاري المعماري وغيره. فنجد أن مبانيهم في أبها ومحافظاتها ما يشد الإنسان إليها. وفي تصوري لو أتخذت الإمارة قرارًا -بعد دراسته بتأن- يلزم الجهات الحكومية بناء مبانيها على الطراز المعماري المحلي لتشجع أبناء المدينة على تبنيه مع الوقت.

ولا شك أن تعاون بين إمارة المنطقة ووزارة الثقافة التي يقودها هذه الأيام سمو الأمير الشاب “بدر بن عبدالله”، سيؤدي إلى الوصول إلى مفهوم عملي ومباشر لجعل المنطقة مدينة الثقافية المادية وغير المادية.

وإضافة إلى إنشاء دور سينما تسمح بعرض أفلام عربية أو غيرها تتضمن بعد اجتماعيًا أو تاريخيًا أمر مطلوب، ولا أظن أن في الامكان التخلي عنه، لكني أيضًا قصدت بالثقافي هو أن تمتاز المدينتين بالأنشطة والفعاليات الثقافية، بالعمل مع الجهات الحكومية والهيئات والشركات على تشجيع إقامة المؤتمرات وورش العمل في المنطقة، فتتحول المدينة تدريجيًا إلى عاصمة ثقافية، تضمن مكتبات ومراكز أبحاث ودراسات.

4- العمل على الاهتمام بالزراعة خصوصًا في المنتجات التي تشتهر بها المدينتين من الأزل، وجعلها المصدر الأساس لهذه المزروعات المختفلة والمتعددة، مع عدم تشجيع زراعة أصناف غير معروفة تاريخيًا في ابها ومحافظاتها. والحرص على استمرار النمط الزراعي المحلي على الأقل في المزراع الحالية وتشجيع أصحابها المحافظة عليها عن طريق إعفائها من الرسوم والضرائب، والحرص على إلا تزداد رقعة هذه المزراع في مدينة أبها، بل تكون الزيادة الواضحة في مدينة خميس مشيط وقراها، بالتوسع في زراعة كافة الأصناف بما فيها غير المعروفة تاريخيًا في المنطقة.

5- الصناعة التي أجد من الأهمية بمكان اعتمادها، هما: التقليدية أولًا والحربية ثانيًا، الثانية تكون في مدينة خميس مشيط لتكون صنو أختها في الخرج التي اقيمت بها المصانع العسكرية، على أن تكون في خميس مشيط الصناعات العسكرية الخفيفية، خصوصًا أن بها مدينة عسكرية، تعد من أقدم المدن العسكرية في المملكة، كما أن خميس مشيط كانت تعرف في عصور سابقة باسم: “جرش”، وهناك مدينة أخرى في المنطقة تعرف بجرش، والمعلوم من المصادر الإسلامية أن “جرش” اشتهرت بأنواع مختلفة من الأسلحة في العصور الإسلامية الوسيطة. ولعل التاريخ يعيد نفسه في خميس مشيط، وتكون مدينة الصناعات الحربية الخفيفة أو الإلكترونية إلى جانب أختها “الخرج” مدينة الصناعات الحربية. أما الصناعات التقليدية فلا شك ان المنطقة من المناطق القليلية التي احتفظ أهلها بعدد كبير من الصناعات التقليدية، ولعل إنشاء مصانع للأدوات والأغراض التقليدية الموجهة لكافة الأعمار والأغراض ليس فقط لما تزخر به المنطقة، بل مناطق المملكة الشاسعة كلها. فلماذا لا تكون أبها البهية ومحافظاتها بقبائلها العربية الأصلية عاصمة التراث المادي وغير المادي، وكل ما يرتبط بالتراث، من فعاليات، ومصانع وغيرها.

ونجد في العالم الغربي مدن امتازت إما بنشاط معين أو صناعة معينية، مثل: مدينة ديترويت الأمريكية متخصصة في صناعة السيارات، ومدينة الترفيه لوس انجلس، أو في عالمنا العربي “دمياط” مدينة الأثاث في مصر.

6- استمرار مدينة خميس مشيط بدورها التجاري والصناعي، فبيئة أبها لا تتناسب مع إنشاء المصانع، والمزارع الضخمة ذات المردود الاقتصادي الواضح.

7- يجب التفكير جديًا في إنشاء سكة حديد تربط خميس مشيط بالعاصمة الرياض مرورًا بمدينة بيشة ووادي الدواسر، ولاحقًا ربط خميس مشيط بمنطقتي جيزان ونجران. وسكك الحديد هي شريان الاقتصاد ويؤلمني القول أن رؤية المملكة قد تتعثر إذا لم تأخذ في الحسبان العامل الحقيقي لتدفق الأموال وانتشارها في أرجاء هذه القارة الكبيرة بتاريخها وعمقها السياسي اليوم: السكك الحديدية (القطارات)، وهي بمثابة الشريان الذي ينقل في الجسد الدم أساس الحياة. وبطبيعة الحال سيكلف هذا الشريان الهام المليارات، لكن مردوده على الأمدين المتوسط والبعيد لا يمكن تخيله.

ونحن نلمس جهد الدولة عن طريق صرف المليارات على الترفيه في مناطق عدة في المملكة، بهدف تطور هذا القطاع، وهو أمر مشروع ومطلوب. لذلك لعل الجهات المعنية تتبع السايسة نفسها في دعم إنشاء سكة حديد تربط مناطق المملكة على أن تأخذ في الحسبان انها أي الدولة حفظها الله- ستنفق الأموال الطائلة في السنوات العشرين الأولى، لكن الجميع على ثقة انها ستجني من الأرباح الطائلة لاحقًا؛ ولعل من أساليب توفير الميزانية اقتطاع 5% من الضريبة المضافة تخصص لمشروع سكة الحديد الوطنية، ومن الطرق الجيدة جعلها أيضًا مؤسسة مساهمة من قبل المواطنين، وغير المواطنين.

7- من الضروري التأكيد مرة ثانيو ثالثة ورابعة على أن المنطقة لن تحقق طموحاتها وطموحات ولاة الأمر –حفظهم ربي- دون وضع بنية تحتية كاملة ومناسبة، مثل: الطرق السريعة التي يجب أن تربط محافظات عسير ببعضها، فالسائح المحب لهذه المدينة يتردد كثيرًا في تكرار تجربة زيارتها إذا وجد ان الانتقال إلى السودة سيأخذ على الأقل ما بين ساعة إلى ساعة ونصف نظرًا لقلة الطرق وعدم جودتها نظرُا لتقاعس وزارة النقل عن واجبها وتذليل الصعاب، أو النزل (الفنادق، الشقق المفروشة..إلخ)، فقلتها أو ندرتها على سبيل المثال في رجال ألمع أو بللسمر أو غيرهما يحول دون الاستفادة من قيمة هذه المناطق وإمكانياتها.

لذلك على هيئة تطور منطقة عسير خصوصًا مديرها التنفيذي الإكثار، بل الإلحاح على الوزارات ذات العلاقة في الرياض وجدة (صيفًا)، فلابد أن يحمل هموم المواطن في يديه ويتنقل أسبوعيًا بما يمتلكه من قدرات في التفاوض مع المسئولين في الوزارات المعنية، وعندنا تجربة –قد لا أتفق مع بعضها- قادها معالي الأستاذ الدكتور عبدالله العثمان، فنقل جامعة الملك سعود إلى مستو متقدم، نظرًا لكثرة زياراته للمعنيين وألحاحه المستمر في حق جامعته بالمشاريع.

وأنا على ثقة أن صاحب السمو الملكي الأمير “تركي بن طلال” الذي نال اعجاب ورضى أهلي المنطقة- حال توجيهه إلى منسوبي الجامعة الملك خالد تقديم مقترحات ورؤى تساعد صاحب القرار، فإن هذه الطاقات الوطنية في هذه الجامعة وأخواتها من مراكز البحثية مع بقية جامعات الوطن- قادرة على تقديم ما يفيد المنطقة بشرطين أولهما الابتعاد عن الأحلام وعن تكرار المشاريع ذاتها التي نجدها في المناطق الأخرى عن طريق  الاستثمار في الثقافة المحلية، وما تزخر به في الجانب الزراعي. والانية أمنية أتمناها على سموه -حفظه الله- أن تكون ورش العمل التي ستقام لوضع خطط لتطوير المنطقة خالية من غير العرب بمعنى عدم الأخذ بالموضة المنتشرة في أيامنا هذه في الهيئات والقطاعات الحكومية الأخرى والتي يندر ان تتعامل باللغة العربية هوية هذا البلد؛ فتمتاز هذه المنطقة بكتابة محاضرها ومراسلاتها باللغة العربية وأن تكون عسيرة على اللغات الأخرى، ولا يحول هذا دون الاستعانة بالخبراء الأجانب العمل “مستشارين فقط” بهدف الاستفادة من تجربة المدن المتخصصة عندهم، فضرورة الاستعانة والتعرف على تجاربهم أمر ضروري وسيسهل بكل تاكيد تنفيذ مشروعات الرؤية الخاصة بمنطقة عسير التي سيكون لها من اسمها نصيب فتقف حجرة عثرة وحائلًا أمام انتشار اللغات الأجنبية، السرطان المخيف.

وستكون منطقة عسير عسيرة على الغزو الثقافي الذي اجتاح المناطق الأخرى، إلى درجة أنك وأنت في إحدى هذه القطاعات لا تعرف هل أنت في حطين أم كوينز وي!

وما قد يتوهمه البعض أن نجاح هذه التجربة (تجربة تغلغل الأجانب غير العرب) في الإمارات العربية المتحدة الغالية علينا- سيؤدي إلى نجاحها في بلدنا الحبيب، أقول هذا وهم كبير، فالفارق مع كامل الاحترام بيننا وبينهم واضح وجلي، فهذه الأرض هي التي تطور في شمالها الغربي الخط النبطي من الآرامي، وتحديدًا في مدينة “تيماء”، وفيها تطور القلم العربي من النبطي في محافظة العلا شمال المملكة؛ وبها نزل القرآن، وبُعث أشرف الخلق، ومنها: الحطيئة وعنترة ابن شداد والأعشى وغيرهم بالمئات.

والله من وراء القصد..

رد واحد على “أبها وخميس مشيط”

  1. يقول احمد بن عبدالله الحسين:

    مقال ثري ذا نظرة شمولية ، هاجسه الوطن ، يستحق التداول والتفعيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *