اللغة العربية في دائرة الاهتمام

عتمد يوم الـ18 من ديسمبر يوما عالميا للغة العربية ويحتفل كل عام بهذه اللغة التي تعد من أكثر اللغات السامية انتشارا حيث يتحدث بها نحو نصف مليار نسمة حول العالم، وقد جاءت هذه الخطوة بجهد سعودي قامت به البعثة السعودية في منظمة اليونيسكو منذ أن كان الدكتور زياد الدريس سفيرا لدى المنظمة الدولية، بالتعاون مع برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية وشاركت بلادنا في احتفال منظمة اليونيسكو بهذه المناسبة بوفد وفعاليات تعكس اهتمام هذه البلاد التي كانت منطلق هذه اللغة الخالدة التي كرمها الله بأن نزل القرآن الكريم بها، كما أن سكان هذه الجزيرة قبل الإسلام قد كرسوا اللغة العربية لغة للأدب والشعر والفنون، ومرت على هذه اللغة عصور مد وجزر كان أقساها على الإطلاق عصر الحكم العثماني الذي حاول طمس اللغة العربية بوسائل عديدة لكن تمسك الشعوب بالإسلام واللغة التي لا تصح عباداتهم إلا بها وقف في وجه هذه المحاولات.

وجاء بعد ذلك الغزو الفكري الغربي الذي استهدف الشباب العربي المتلقي للعلوم في الجامعات الغربية فأصبح كل متحدث منهم يلوي لسانه ويضع كلمات أجنبية في سياق حديثه ويعد ذلك دليلا على تحضره ولم يعلم أن اللغة العربية هي لغة الحضارة، ويستثنى من أولئك بعض العلماء والمفكرين الذين وإن قضوا أعواما في الغربة فإنهم يحرصون على لغتهم العربية بل يحرصون على تمسك أبنائهم بها. وجاء الغزو الثالث لمحاولة إضعاف اللغة العربية وهو حرص بعضنا على تعليم صغارهم لغة أجنبية على حساب لغتهم العربية وتبدأ بإسناد ذلك إلى خدم منازلهم ثم إدخالهم ما يسمى بالمدارس العالمية. ولعل عودتنا الآن للغة العربية توقف هذا التوجه الذي يدمر شخصية أطفالنا فلا أحد يمانع في تعلم لغات أخرىولكن ليس على حساب اللغة الأصلية.

وعلى مستوى التحديات الجانبية واجهت اللغة العربية تحدي الحداثة حيث يقول البعض: إنها شوهت النصوص الأدبية والشعرية في العقود الثلاثة الماضية ثم تحدي التعلق بالعامية حديثا وشعرا. وكثيرون ليسوا ضد هذا التوجه لكن بشرط أن تكون بمفردات راقية وتعتمد على اللغة البيضاء التي تتوسط بين الفصحى والعامية.

وأخيرا: ستكون تلك الفتاة الأعرابية الصغيرة التي كانت تمسك قربة ماء وتنادي والدها لمساعدتها قائلة: (يا أباي أدرك فاها قد غلبني فوها لا طاقة لي بفيها) ستكون هذه الفتاة وهي في قبرها سعيدة باهتمام بلادنا باللغة العربية وتشجيع التخاطب بها من غير استعمال مفردات موغلة في القدم وإنما كما هو منهج هذه البلاد وقيادتها المعتمد على الوسطية التي تشجع على مزيد من الحب للغة جميلة نتوقع لها مزيدا من الانتشار عالميا. ولا بد من تحية للأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة على قراره بتسمية عام 2020 عام الخط العربي. ونأمل أن نسمع من الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم قرارا بإعادة مواد الخط والنحو والإملاء والتعبير في مدارسنا كي نغرس في الأجيال حب المحافظة على حضارة هذه الأمة انسجاما مع حرص قيادتنا الذي بدأ بتسجيل المواقع الأثرية ووصل إلى دفع اللغة العربية إلى موقع الاهتمام اللائق بها عالميا.


على الشدي

نقلا عن “الاقتصادية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *