«أرامكو» .. والناطق الرسمي

أقول بكل ثقة إن جميع الكتاب والصحافيين المخضرمين أمثالي، لهم علاقات قديمة بشركة أرامكو امتدت عبر عقود، ومرت هذه العلاقات بموجات مد وجزر حسب أسلوب النقد وقبوله أو عدم قبوله من إدارة “أرامكو” يوم كانت أمريكية – سعودية، ثم حينما أصبحت سعودية خالصة.. وبالنسبة إلي، بدأت تلك العلاقة حينما كنت طالبا في المتوسطة، كتبت ملاحظة في صفحة الشباب في إحدى الصحف، قلت فيها إن “أرامكو” تدعو في الصيف طلابا وطالبات من أمريكا للتدريب أثناء العطلة في الظهران وتمنحهم مكافأة.. سألت، لماذا لا تدعو الشركة عددا مماثلا من الطلبة السعوديين بوصفها شركة سعودية – أمريكية مشتركة؟ اتصل منسوبو إدارة العلاقات العامة في الشركة يسألون عن الكاتب لدعوته ضمن الوفود الصحافية التي كانت تزور الشركة بانتظام، لكنهم لم يجدوا له عنوانا.

هكذا أشعرت من قبل الجريدة في وقت متأخر.. ومضت السنوات وتفرغت للعمل في الصحافة، فدعيت للزيارة مع الزملاء، وكان لنا لقاء مع مدير الشركة “الأمريكي” الذي يتكلم العربية بطلاقة، فسألته عن نسبة السعوديين من العاملين في الشركة، فذكر نسبة لا بأس بها.. لكنني قلت، وما نسبتهم في المراكز القيادية؟ فكانت إجابته عامة بأن من يكون مؤهلا يجد فرصته. وأراد أن يغير موضوع الحديث، لكنني استوقفته قائلا: إن فلانا الأمريكي عين أخيرا في وظيفة مدير العلاقات العامة بينما مساعده السعودي يحمل المؤهلات نفسها مع سنوات خبرة أطول وأكثر مناسبة لهذه الوظيفة بالذات، فلم يجد جوابا.. مضت السنوات وأصبحت “أرامكو” سعودية 100 في المائة، وتساءلت في سطر واحد في نهاية مقال لي في هذه الصحيفة، هل “أرامكو” ما زالت على المستوى نفسه من الانضباط في حضور موظفيها وانصرافهم والإجراءات نفسها في المناقصات والتعيينات؟ وتلقيت دعوة للزيارة وقيل لي إنها ستكون ثلاثة أيام، لأنها تتضمن زيارة أول حقل للبترول.. اعترضت على ذلك، لأنني لست مهندسا ولا متخصصا لأستفيد من زيارة بئر البترول، وتكفي ثلاث ساعات للحديث مع المسؤولين في الشركة. وفعلا، تمت الزيارة وكان الرئيس عبدالله جمعة مسافرا، فالتقيت نائب الرئيس المهندس خالد الفالح.. ورغم أن اللقاء كان عاصفا وصريحا، فقد كان مقنعا، حيث طلب مني المهندس الفالح إن أردت التأكد من الانضباط أن أقف عند بوابات الدخول الساعة السادسة صباحا لأرى أفواج الموظفين، أما بالنسبة إلى المناقصات والتعيينات، فيمكنني الاطلاع على الإجراءات المتبعة منذ أن كانت الشركة أمريكية – سعودية، بل تحسنت بمزيد من المهنية والشفافية. من تلك الزيارة انتهت علاقتي بـ”أرامكو”.. لكنني، للحقيقة أقول، إن حادثة الاعتداء على بعض منشآتها وسرعة إطفاء الحريق وإصلاح الخلل واستئناف ضخ البترول، أثبت أن الشركة تدار بكفاءة ومهنية شهدت بها الدوائر المختصة عالميا.

أخيرا، سيطرح جزء من أسهم الشركة في السوقين المحلية والعالمية، وهذه خطوة موفقة من شأنها زيادة الشفافية والاطلاع على تقاريرها المالية والفنية، ومن شأنها أيضا تقوية السوق المالية السعودية، لكن ما نتمناه أن يعين ناطق رسمي للشركة يكون هو المصدر الموثوق لأخبار الطرح والجوانب المهمة التي ترد معلوماتها من الصحف الأجنبية ولا نعلم عن مدى موثوقيتها، ما يوجد ارتباكا في نقل المعلومات والتواريخ والتأكد من صحتها.

نقلا عن (الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *