الرأي , رياضة

بالمشجع نبدأ… وبه ننتهي!

محمد العمري

كاتب رياضي

وفقا لدراسة نشرت عام 2013م، وجدت أن المشجعين يأكلون بشكل أكبر عند فوز فريقهم، حيث قارن باحثون في كلية إنسياد للأعمال نتائج مباريات دوري كرة القدم الأمريكية NFL على مدار موسمين مقابل استهلاك الطعام في أكثر من عشرين مدينة، حيث وجدوا أن الناس في المدن التي يخسر فريقها يتناولون %16 من الدهون المشبعة يوم الإثنين (التالي لمباريات الدوري) مقارنة مع استهلاكهم المعتاد، والأشخاص في المدن التي تفوز فرقها يأكلون حوالي %9 أقل من الدهون المشبعة – و هي دلالات ظلت صحيحة حتى عندما تم تضمين المشجعين من غير كرة القدم في العينة.

تم تكرار هذه النتائج في دراسة لعشاق الرياضة الفرنسيين، مما دفع الباحثين إلى افتراض أن الناس يشعرون بتهديد الهوية عندما يخسر فريقهم المفضل ويحتمل أن يستخدموا الأكل كآلية تعاطي مع الخسارة، وقال كبير الباحثين يان كورنيل “عندما يخسر فريقك، كأنك تفقد جزءًا من نفسك، لأن هويتك مدمجة مع هوية الفريق ومجتمع المشجعين”، وبهذا تستنتج أن الرياضة في الولايات المتحدة تحدث فرقًا كبيرًا في حياة الناس ، فقد تكون الخسارة محزنة وتؤدي إلى الشراهة عند تناول الطعام”

أيضاً أظهرت دراسة شهيرة أجراها بول بيرنهاردت في جامعة ولاية جورجيا عام 1998م أن المتفرجين الذكور من الأحداث الرياضية يعانون من إرتفاع هرمون التستوستيرون الذي يرتفع مع اللاعبين أنفسهم – بزيادة قدرها حوالي 20% من قبل مشجعي الفرق الفائزة، وتراجع مماثل في مشجعي الفرق الخاسرة.

رغم ندرة الدراسات السلوكية لدينا أو غيابها تماما، والتي تدرس سلوك مشجعي الرياضة في وطننا، إلا إننا اشتهرنا كشعوب عاطفية بشكل عام ولكن هناك بعض الأمور التي تشترك فيها الشعوب بجموح العاطفة و منها كرة القدم، فالعاطفة الجياشة اللتي يفيضها الجمهور تجاه استقالة رئيس ذو إنجازات أو إبتعاد أو عودة رمز توازي مشاعر الفوز أو الخسارة، وعلى هذا الأساس فإن العلاقة بين اللاعبين والجماهير يستحيل أن تكون في جميع الاوقات علاقة حب فقط، ولكنها دائما ما تكون علاقة حب وكره تتعداهم إلى الفرق المنافسة، فيفتقد المشجع أبسط درجات المنطقية و العقلانية، بل يتعدى ذلك إلى الإسقاط على الطرف الآخر، وإنكار أي واقع مُسَلّم به لأي إنجاز بتحويله لأمر غير مستحق، و إنكار كل المجهودات اللتي يقوم به، بل و يتعدى ذلك إلى اللاعبين المنتمين للطرف الآخر بالتقليل منهم وإمكاناتهم حتى حرمانهم من حقهم بتمثيل وطنهم.

المنطق المُطلق أمر صعب الوصول إليه، و لكن الإيمان بأن كرة القدم فوز وخسارة، ومن يخطيء اليوم يُبدع غدا، و ثقافة رؤية الصورة الأكبر هي ما نسعى له و نبحث عنه، فالهدوء في ردود الافعال أمر مهم و يعطي الشخص لذة في النقاش و الطرح حتى لغير الإعلامي، و لكن أن تختلف النظرة و ردة الفعل من أسبوع لآخر 360 درجة تجعلك تبدوا في موقف مضحك، خصوصاً عندما تعرف أنه رغم الانتماء و العشق للنادي فنحن لانملك أسهماً أو نسباً من الأرباح التي تحققها الأندية أو عقود الرعاية، و في ظل إنفتاح الجميع على وسائل التواصل الإجتماعي، فهي تساهم في التأثير السلبي على اللاعبين والإدارة؛ مما ينعكس على النتائج وفي النهاية على المشجع، وبمعنى آخر فالمشجع هو من تبدأ و تنتهي به دائرة السلبية أو الإيجابية، فيكون هو المتأثر الأكبر، وسواءً كان الإفراط في الأكل أو ما يسمى بالبلدي (حرق الأعصاب) فيؤدي ذلك إلى الأمراض الجسدية وفي النهاية إلى فقدان متعة الرياضة عامة، وكرة القدم خاصة.

بٌعد آخر

لا أعتقد أن اللاعب يتعمد السوء ليحرق أعصاب المشجع، ولكنني متأكد أن الكثير من الإعلاميين يفعلون ذلك عمداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *