‏كلمة شكر لذوي الأيادي البيضاء

‏من لا يشكر الناس لايشكر الله ، ما أعظمها من كلمة وما أعظمه من قائل ولهذا يشرع للمؤمن في ديننا الحنيف أن يقابل من أحسن إليه بالإحسان وأن يثني عليه خيراً في مقابل إحسانه إليه ، وبذل المعروف له فهذه من مكارم الأخلاق و، محاسن الأعمال التي قال عنها المصطفى : (إِنْمَا بُعِثْت لِأُتَمِم مَكَارِم الأَخْلاقْ) وقال أيضاً : (أَحَبُّ النَّاس إلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاس،وَأَحَبُّ الأَعْمالِ إِلى اللَّه سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوتَكْشِفُ عَنْه كُرْبَةً ،أَو تَطْرُدُ عَنْه جُوعًا أَو تَقْضِي عَنْه دَيْنًا ولأَنْ مْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ،أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أعتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِد ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّه عَوْرَتَهُ،وَمَنْ كَتَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ،مَلأَ اللَّه قَلْبَهُ يَومَ الْقِيَامةِ رِضًا،وَمَنْ يمَشي مَعَ أَخيه في حَاجَةٍ حَتّى يٌثْبِتَهَا ، أثْبتَ الله قَدَمَيه يَوْمَ تَزلُ الأَقْدَامُ”.

و من هنا أكتب عن صنف من الناس خلقهم الله للعبادة أولا ثم جنّدهم لتلمس حاجات الناس وقضائها وهم يسمون بالعامية أهل الفزعات والمواقف المشرفة ، والتي ليست مستغربةً عليهم ؛ وذلك لأنهم جبلوا و تربوا على القرآن ومكارم الأخلاق ، وصنع الجميل ، وبذل الطيب ، والشكر في حق هؤلاء وأمثالهم قليل نظير ما يقدمونه للضعفاء والمساكين ومن تقطعت بهم السبل ومن ليس لهم سند يتكؤون عليه ، فلهؤلاء أقول : رايتكم بيضاء ، وعلمكم غانم ، وبيّض الله وجوهكم يوم تبيَض وجوه وتسود وجوه ، وتأكدوا أن المجتمع بمختلف شرائحه يكن لكم كل الاحترام والتقدير ، ولا يعرف كيف يمكن للكلمات أن تعبر عما يجول بخاطره تجاهكم أنتم يا أيها البررة بأبناء مجتمعكم ، ولكن لكم مني ومنهم فائق الشكر والاحترام والتقدير ؛تجسيدا لأنفسكم المعطاءة ، فأنتم بطيب أفعالكم و نخوتكم وشيمكم سطرتم أروع صور التلاحم في مجتمعنا السعودي ، ودللتم على أنه لا يوجد في مجتمعنا ما يسمى بالطبقية ، والدليل أن الكثير من أهل هذا الوطن يفتحون في بيوتهم “مضافة” لكل جائع حتى يشبع ، فكلنا سواسية كأسنان المشط ؛ وذلك تيمناً بقول المصطفى “صنائع المعروف تقي مصارع السوء” ، أي أن من يعمل معروفاً لأحد فإنه سيموت على خير ، ولايعني هذا أنه مستثى من الموت.

وأنا عندما أكتب هذه الكلمات يشهد الله أنه ينتابني شعور بالنقص والقصور وعدم القدة على إيفائكم حقكم أنتم يا من بذلتم وقتكم وجهدكم وأموالكم و صحتكم إما على محتاج إلى وظيفة ، أو محتاج إلى مساعدة مادية ، أو محتاج لعتق رقبته ، أو محتاج لتفريج كربة ، ويحق لي هنا أن أنعتكم بالشرفاء و الأوفياء والقدوات الصالحة وأصحاب الدين والضمير الحي والإنسانية.. بارك الله فيكم ، وكتب أجركم ، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، وأراكم ما قدمتم في أنفسكم وذريتكم وأموالكم في الدنيا و الآخرة ، وصدق الحق المبين حين قال :”‏ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا”.

عبدالله البطحي الشمراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *