الرأي , رياضة

كرة القدم والحروب 2:1

محمد العمري

كاتب رياضي

كرة القدم من بين رماد الحرب الأولى 1

تزايد متابعو كرة القدم مع نمو شبكة الراديو في بريطانيا ولكن الحرب العالمية الأولى غيرت المشهد في العالم، ولم تكن كرة القدم محصنة ضد تأثيرها، فخلال الحرب توقفت كرة القدم في بريطانيا وجميع أنحاء العالم تقريبا فكانت آخر مباراة احترافية لعبت قبل الحرب هي نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي في عام 1915م.

عندما بدأت الحرب، كانت كرة القدم في بريطانيا يلعبها ويراقبها الناس من جميع الفئات، مع الفرق المحترفة ولكن خارج الجزر البريطانية بالكاد وجد الاحتراف في كرة القدم، حيث لُعبت وشاهدها إلى حد كبير النُخب، مع حالات قليلة من مشاركة الطبقة المتوسطة ولكن ما فعلته الحرب هو هدم الجدران بين الطبقات فقد فقدت البلدان ملايين من رجالها، ولم تميز الرصاصات والقنابل بين الطبقات وتعرف جنود الطبقة العاملة على اللعبة في الخطوط الأمامية من رفاقهم من الطبقة العليا، وعندما انتهت الحرب في عام 1918م، تجاوزت كرة القدم النظام الطبقي في جميع أنحاء العالم .

ارتفع الحضور عامًا بعد عام بعد الحرب حيث انضم المزيد من الأشخاص إلى اللعبة كمشاهدين أو لاعبين، وشهدت العشرينيات ظهور البث الإذاعي على الساحة، حيث أصبح كبار لاعبي كرة القدم نجومًا وظهروا في الأفلام، ولكن رواتبهم لا تزال منخفضة للغاية، وفي بعض الأماكن غير موجودة (اللعب كهواة)، حتى أن اللاعبين قاموا بالترويج للمنتجات، وأخيراً تركت الشركات البريطانية بصمتها على اللعبة في جميع أنحاء العالم..

في نهاية المطاف لحق بقية العالم بكرة القدم البريطانية، ففي بقية أوروبا لم يحدث كل ذلك في نفس الوقت فبعض أجزاء أوروبا أصبحت محترفة في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى مباشرة؛ وأول دوري أوروبي محترف في القارة كان في النمسا في بداية العشرينات، وأما إسبانيا وإيطاليا وفرنسا فاستغرقوا وقتًا أطول، منتظرين حتى النصف الأخير من عشرينيات القرن العشرين لإضفاء الشرعية على الاحتراف وخلق بطولات الدوري الوطنية.

أما في ألمانيا والدنمارك فقد استغرق الاعتراف باللعبة وقتا أطول، فالدنمارك انتظرت حتى بعد الحرب العالمية الثانية لشرعنة الاحتراف، بينما كانت ألمانيا على شفا الاحتراف عندما تم تسمية هتلر مستشارًا عام 1933م، فسيطر النازيون على كل جانب من جوانب ألمانيا، بما في ذلك كرة القدم، وكان على الاحتراف الانتظار حتى إطاحة الحلفاء بالحكومة النازية.

أمريكا اللاتينية أخذت وقتًا أطول من بعض الأوروبيين، حيث أن القبضة القوية التي كانت تمتلكها النخب والتي هيمنت على اللعبة في أميركا الوسطى والجنوبية لم تهتز بنفس الطريقة التي حصلت في أوروبا.

في النهاية، كان الاحتراف في أوروبا هو الذي أدى إلى تغيير أميركا اللاتينية، فمع وصول الثلاثينيات، تم جذب المزيد والمزيد من نجوم كرة القدم اللاتينيين إلى أوروبا، وخاصة إيطاليا، من خلال الوعد بمزيد من المال. كمثال، غادر لاعب كرة القدم الأرجنتيني ريموندو أورسي إلى يوفنتوس في عام 1928م بعد أن عرض الجانب الإيطالي أجرًا أسبوعيًا قدره 8000 ليرة ومكافأة توقيع بقيمة 10000 ليرة وسيارة Fiat جديدة (والتي في أرقام اليوم، ستكون حوالي 5200 دولار أسبوعيا و 66000 دولار كقيمة السيارة) وفي مواجهة فقدان أفضل لاعبيها، تحولت أندية أمريكا اللاتينية من الهواة إلى المحترفين في النصف الأول من الثلاثينيات.

وفي المقال القادم، سوف نتحدث عن وصول اللعبة وبدأ الاحتراف في باقي أوروبا وأميركا اللاتينية وذلك بعد الهرب العالمية الثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *