الرأي , هواجيس

العمدة أبشر …

شدّني هذا الصباح رجل في بدايات السبعين متعني المشوار لشرطة الخبر ليقابل العمدة.. أشغلني هالموقف كثيرًا .. ليه جعلنا هالشايب يتعب ويتعنى لأجل مراجعة العمدة.. ماهو السرّ الأمني الذي يملكه العمدة ولا تنجز أمور هذا الشايب إلا بتوقيعه وختمه؟!

لنعود قليلاً إلى الماضي.. مهنة العمدة عرفت بمكة المكرمة ، وكانت كل حارة لها عمدة يعرف سكانها جميعًا ، ويعرف أحوالهم ومشاكلهم وهمومهم.. لأنه يسكن بينهم ومعهم ويعرف الداخل والخارج بسبب كرسي يضعه في مكان عام بتلك الحارة ..وكان بمثابة برنامج أبشر لتلك الحارة.. في تلك الأيام كان عدد سكان السعودية لا يتجاوز ستة ملايين.. والآن تخطينا اثنين وثلاثين مليون نسمة.. و لا يزال العمدة موجوداً.

عمدة الخبر – على سبيل المثال – موظف حكومي بالمرتبة الثامنة لديه ختم وتوقيع.. لنذهب قليلاً نحو الوصف الوظيفي لمهامه.. يعطي تعريفات بأن فلاناً من سكان الخبر  أو أنه حسن السيرة والسلوك.. ويطلب من كل مراجع فاتورة كهرباء أو تلفون كي يتأكد من مقر سكنه.. وكل من يتقدم لكلية عسكرية يحتاج ذلك العمدة ؛ ليوقع له أوراقه ويعتمدها.. لنكن واقعيين أكثر.. هل العمدة يعرف كل شيء في منطقته وكرسيه في مقر الشرطة وليس في الحارة..مع العلم أن الحارة انقرضت.

السعودية تخطو بخطوات واسعة للوصول لرؤية 2030 في أقصر مدة ممكنة.. وكل مصالح المواطن أصبحت تُنجز عن بعد بفضل تطبيقات خدمية لكل وزارة وهيئة وجهة. حتى فتح حساب بنكي يتم دون الحضور ويتم التوثيق والتأكد من خلال برنامج أبشر.

الفكرة ليست بقطع أرزاق العمد في جميع المناطق، يمكن استيعابهم في إدارات وخدمات أخرى.. ولكن وجودهم أصبح شاذاً مع التطور الرقمي للخدمات الحكومية وشبه الحكومية.. تذكر أنك تستطيع تجديد جواز سفرك واستلامه في منزلك ، وهو وثيقة مهمة دون الخروج من منزلك.. لا أعتقد أن إلغاء منصب العمدة سوف يهز المنظومة الاجتماعية والأمنية.. الموضوع يحتاج إلى قرار مكتوب على ورقة وتوقيع مسؤول شجاع.. والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *