الرأي

 يا وزارة الإعلام كرموا المبدعين القدامى!

خالد بن حمد المالك رئيس صحيفة الجزيرة، واحداَ من الذين أفنوا جل أعمارهم بالصحافة، أعطاها الكثير، ومنحها الكثير، وبادلها الحب والمشقة والتعب، نزف معها، ونزفت معه، تنفسها نقاوه، وتنفسته نقاوه، وأمتزجا معاَ بالضياء، مر بعثرات كثيرة وصعوبات ومعاقات، لكن الركض خلف المسافات الطويلة للوصول إلى نتيجة لا يعرف الكلل أو التسويف أو اليأس أو الملل، هو لا يعرف المواربة، ولا المخادعة، ودائماَ ما يضع النقاط على الحروف، يحب التطلع، وله رغبات يخالجها الصعود، لا يتسلل الكسل إلى وسادته، أو مخدعه، الجزيرة صارت حيزة وعالمة وبيته ومكتبته، حتى أصبح لا يحبذ العيش خارج أسوارها التي بناها، سار بها طويلاَ حتى غدت كما هي الآن رائدة وقائدة ولها تميزها وتفردها الخاص، لم تعد صحيفة فقط، بل أصبحت كتاباً مفتوحاَ يقرأه كل أحد، يستهويه الإبداع والتطوير والإبتكار، ولا يجبذ التكلس والسكون والنوم في المخادع الوثيرة، والجلوس على الأرائك المريحة، عانق الجزيرة، وأحتواها بكل أشياءه، نزف كل التعابير معها، أندلق فيها حتى توحد معها، وأنغمست هي معه كما أنغمس هو معها بشكل عجيب، أخذها نحو الغيوم والسديم بثقة وعزيمة دونما جناح، تمسك بها، حتى أعتلت رابية الحضور، وصارت لوحة وكلمة ومنارة، لها خطوطها وحبرها وألوانها المغايرة، وأقبل الناس عليها سراعاَ بلا وهن، يخيل للبعض بأن النجاح لا يحتاج إلى مجهودات جبارة ومتابعة وسهر، وهذا أمر لا صحة له على الأطلاق، وخالد بن حمد المالك، لم ينجح مع الجزيرة إلا بعد أن تعب وسهر وتألم وعانى كثيراَ، إنني لا أنطلق في كتابة هذه السطور عن شخصه الكريم من موقع المدح والإشادة والإطراء، فهو ليس بحاجة لمدحي وإشادتي وإطرائي، وأن كان بالتأكيد يستحقها بجدارة نظير ما عمل للجزيرة ويعمل لها، لكنني أردت أن اؤكد وأبين ومن مبدأ الوفاء وشيمة الأخلاص، بأن نجاح الجزيرة مع هذا الرجل لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة طويلة من الجد والمثابرة التي تخللها التحديات الكثيرة والمتنوعة، أن الثقة بالنفس والقدرة، هي الطريق الموصل للغاية والهدف، وهي مفتاح التقدم والفوز والنجاح، ومن لا يثق بنفسه وقدرته يتردد ويحجم عن العمل، أن الكوابيس لا تحدث سوى الإزعاج، بينما اليقظة تحدث المزيد من الإنتاج والإبتكار وتطوير الهمة، أن حالد بن حمد المالك، رئيس تحرير عريق، وشخصية وطنية مرموقة، وكاتب وطني عقلاني ومخلص، ورجل يتميز بأخلاقه العالية، أنه رجل يحب الأعتدال والتوازن والأنفتاح، وأعطاء الفرص لكل من يستحقها دون تميز أو محاباة، وبهذه الميزات أستطاع أحراز النجاح والتميز، رغم كثافة المصاعب والعوائق، أن قواميس الأخلاق تشير إلى أن الإنسان الأمثل هو من يبادل الناس المحبة والأحترام، وتبيان عملهم وفعلهم، ولا يكتفي بالصمت، ولا يلوذ به، تقديراَ لهم وإشهاراَ بهم، وذلك بما قدموه للوطن والمجتمع من خدمات جليلة، أن علينا أن نشيد بالمميزين المضحين في كل المجالات وهم أحياء، بدل أن نشيد بهم وهم أموات، وعلينا أن نعيد الحسبات في هذا الشأن، لأن من أروع الصفات وأنبلها على الأطلاق، أن نجعل الآخرين يتلذذون بما صنعوا، إنني آمل من وزراة الإعلام أن تبادر، برئاسة وزيرها الموقر أن تبادر بتكريم المبدعين الكبار الذين أفنوا جل أعمارهم في التضحية والعطاء وفق حفل يليق بهم وبمجهوداتهم الجبارة، وهذا العمل أن قامت به، ليس كثير عليها، بل يحسب لها، إنني أحيي كل مبدع على أعماله الجليلة، وأشيد به، وأضرع إلى الله سبحانه وتعالى، أن يمن عليه بالعافية، والعمر المديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *