الرأي

كلية المسجد النبوي.. ومساعد مدير مكتب الرئيس العام!

د. سليمان الذييب

كاتب وباحث وأكاديمي سعودي

يعد الشيخ عبد الرحمن بن عبدالعزيز السديس الذي امتاز بنبرة خاصة في صوته، من أشهر أئمة الحرمين الشريفين. وقد نال السديس، المولود في مدينة البكيرية في عام ١٣٧٩هـ- الدكتوراه من جامعة أم القرى في تخصص الشريعة في العام الميلادي ١٩٩٥م. وكان قبلها قد نال شرف الإمامة بالحرم الشريف في العام الهجري ١٤٠٤هـ، ويا له من شرف عظيم ومسئولية كبيرة؛ يغبطه عليها الكثير من المسلمين، فأن يوفقك الله لحفظ كتابه (حفظه وهو في سن الثانية عشر)، وينعم عليك بصوت جميل وبشرف الإمامة في أطهر بقعة- شرف كبير لا يناله إلا القلة من الناس؛ ومع هذا الشرف إلا أنها مسئولية كبيرة أمام الله جل وعلا؛ أعانه الله عليها.
والذي جعلني أتطرق لهذا الموضوع ما نشر في وسائل الإعلام المحلية (قبل يومين) من قرارات وتكليفات إدارية، نال بها عدد من العاملين بشئون الحرمين الشريفين شرف تقلد بعض المناصب التي يخدمون بها المعتمرين والحجاج، اقول لفت انتباهي أمران، هما:
الأول: أن بعض من رقي إلى مناصب جديدة احتفظ أيضا بمنصبه القديم، وهم:
١) عبدالله بن خطاب الذي عين مديرا للإدارة العامة للشؤون التوجيهية والإرشادية، مع استمراره مديرًا لإدارة التوجيه والإرشاد.
٢) طلال الرشيدي عين مساعدًا لمدير الإدارة العامة للشؤون التوجيهية والإرشادية، بالإضافة إلى عمله مديرًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٣) أيوب الحجيلي مساعدًا لمدير الإدارة العامة لتقنية المعلومات، مع استمراره بالعمل مديرًا لإدارة البنية التحتية.
٤) علي الشنقيطي مديرًا لإدارة الشؤون المالية، بالإضافة لعمله مديرًا للإدارة العامة للشؤون المالية والإدارية.
الثاني: تعيين محمد السعوي مساعدًا لمدير مكتب الرئيس العام بوكالة الرئاسة، بالإضافة إلى عمله عميدًا لكلية المسجد النبوي.
والأخير أصابني بدهشة كبيرة بل واستغراب، فكيف يعين عميد كلية في المسجد النبوي، المفترض أن يكون اكاديميًا مساعدا لمدير مكتب الرئيس العام.
فلم أصدق عيني وأنا أقرا هذا الخبر فمع كامل الاحترام والتقدير لمدراء مكاتب المعالي ومساعديهم وما يقومون به من جهد، فمن المشين أن يرقى العميد ليصبح مساعدا (لاحظ ليس مديرا) لمدير مكتب الرئيس، وهذا عمل إداري بحت لا يلزم صاحبه إلا مهارات في: الاستقبال وتنظيم المواعيد وتنسيق المعاملات.
أما العميد فمن البديهيات أن يكون على الأقل حاصلا على شهادة الدكتوراه ولديه خبرة أكاديمية.
وبعد الصدمة والاستغراب من هكذا تنظيم إداري يتمثل في اعتبار منصب “مساعد مدير مكتب الرئيس” أكبر من “عميد الكلية”، ذهبت إلى الشيخ “غوغل” بهدف التعرف إلى هذه الكلية وأهدافها، وأفادني -مشكورا- أنها من أربعة أقسام في العلوم الشرعية، وتأسيسها كان في العام الهجري ١٤٣١هـ.
وشخصيا لم استوعب الأسباب التي دفعت الرئاسة إلى تأسيس كليات بأقسام علمية نجدها أيضا في جامعتي: أم القرى والجامعة الإسلامية، ولم أفهم هذا الحرص من الرئاسة على انشائها خصوصا وأن كلية الشريعة بجامعة أم القرى، وهي بالمناسبة التي كان يدرس بها فضيلة الشيخ “السديس،”، ومازال يعمل بها فضيلة الشيخ “الشريم” إمام الحرم المكي، بها أقسام مطابقة لهذه الأقسام.
ولعلي أجدها فرصة أن التمس من فضيلة معالى السديس سلمه الله اعادة النظر في هذه الكليات والتفكير الجدي في الأمرين، أولهما -منعا للتكرار في الاقسام- نقل هذه الاقسام ال جامعتي ام القرى والجامعة الإسلامية، فمن العبث – في تصوري- ان تكون هناك أقسام متشابهة بهذا الشكل.
ثانيهما: كلي أمل أن تحترم الرئاسة الفارق بين الوظيفة الإدارية وتلك الاكاديمية التعليمية، إذ لا يمكن تصور -بأي حال من الاحوال- ان يكون العميد مساعدا لمدير مكتب الرئيس، فهي إهانة كبيرة لقطاع التعليم والأكاديميين.
وأخيرا أتوجه بخالص الدعاء للعاملين بهذا الصرح العظيم (الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين) الذي يتمنى كل مسلم أن تتاح له فرصة العمل فيهما تقربا إلى الله عز وجل، وأن يثيب العاملين في هذين الحرمين الشريفين وحكومتنا الرشيدة في جهودها الملموسة في رعايتهما والإشراف عليهما والقيام بواجبهما بالشكل الصحيح، فلهم الدعاء من الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *