“كبدة” أثيوبيا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
انتشر مؤخراً مقطع لشخص قرر السفر من السعودية إلى إثيوبيا ذهاباً وعودة في نفس اليوم ، فقط لتناول إفطار”كبدة” وأن الرحلة وكما قال كلفته 2400 ريال ، فقط كي يبسط نفسه حتى لو لم يكن يملك غير ذلك المبلغ . تصرّف بسيط في ظاهره ، لكنه فجّر موجة واسعة من التعليقات المتباينة .
البعض رأى في ما فعله إسرافاً غير مبرر ، فيما دافع آخرون عن حقه الكامل في إنفاق ماله بالطريقة التي تمنحه راحة نفسية . والواضح أن المسألة لا تتعلق بالكبدة ولا بإثيوبيا ، بقدر ما تتعلق بنظرتنا لمعنى – البسطة – وحدودها .
معظمنا ينفق يومياً مبالغ مماثلة على أشياء لا نلتفت لها . نجدد هواتفتنا رغم صلاحيتها ، مشتريات قد لا نحتاجها ، ناهيك عن مصروفات كثيرة قد نراها طبيعية ويراها غيرنا إسراف غير مبرر . الفرق أن هذا الرجل اختار تجربة غير مألوفة ، وكسر رتابة يومه بطريقة صادمة للبعض .
من هذه الزاوية ، يبدو تصرّفه مفهوم ، بل صادق مع ذاته ، لكن الإشكالية بدأت عندما خرج الفعل من إطاره الشخصي إلى الفضاء العام . فوسائل التواصل لا ترحم التفاصيل ، ولا تلتفت للنيات . عبارة ” حتى لو ما عندي غير هالمبلغ ” حُمِّلت أكثر مما تحتمل ، وقُرئت بوصفها استعراضاً أو استهتاراً، لا مجرد تعبير عفوي .
الخلاصة من وجهة نظري ، أن الرجل لم يخطئ فالمال ماله والقرار قراره ، ولم يتعدى على مال أو حقوق غيره . لكنه في نفس الوقت لم يُحسن إدارة حضوره الإعلامي .
من حق الإنسان أن يبسط نفسه كما يشاء ، وليس من حقنا أن نحاسبه على اختياراته . فالراحة النفسية لا تُقاس بمعايير واحدة ، وكلٌّ يبحث عنها بطريقته… حتى لو كانت في وجبة كبدة خلف الحدود . ولكم تحياتي
