البطولة العربية .. جمرٌ تحت الرماد

محمد البكر

بعد ما شهدته البطولة العربية التي تستضيفها قطر من مشاحنات متكررة ، وخطاب مشحون بالإساءات تجاوز حدود المنافسة الرياضية ، بات من الصعب تجاهل الأثر السلبي الذي خلّفته هذه البطولة على العلاقة بين الجماهير العربية . ما صدر من بعض الجماهير، والإعلاميين ، وحتى المدربين ، من إساءات ، لم يكن مجرد حوادث عابرة ، بل مؤشرات على خلل أعمق في روح هذه البطولة.

كرة القدم وُجدت لتقريب الشعوب ، لا لتوسيع فجوات الكراهية بينها. لكن ما نراه اليوم أن هذه البطولة – بدلًا من أن تكون مساحة تجمع الشباب العربي على الفرح والاحترام – تحولت إلى منصة لتصفية الحسابات وبث الأحقاد ، في مشهد لا يخدم الرياضة ولا يخدم العلاقات العربية المشتركة.

المشكلة ليست في التنافس ، فالتنافس مشروع ومطلوب ، بل في غياب الضبط الإعلامي ، وضعف المحاسبة ، وتحول الانفعال إلى إساءة مباشرة تمس دولاً وشعوباً كاملة. وعندما تصبح البطولة عبئاً على المشهد الرياضي العربي ، وتُسهم في تعميق الانقسام بدل رأبه ، فهنا يجب التوقف وإعادة التقييم بشجاعة.

ربما آن الأوان لطرح سؤال صريح : هل ما زالت هذه البطولة تحقق الهدف الذي أُنشئت من أجله ؟ أم أن إيقافها ، أو إعادة هيكلتها جذرياً ، أصبح ضرورة لحماية ما تبقى من روح الرياضة العربية ، قبل أن تتحول الملاعب إلى ساحات كراهية لا رابح فيها ؟

ويبقى من المهم التأكيد ، في الختام ، أن هذا الطرح لا يرتبط بخسارة منتخبنا السعودي أمام المنتخب الأردني في نصف نهائي البطولة ، فالهزيمة في كرة القدم أمر وارد ومقبول ، ولا تنتقص من قيم الروح الرياضية . لكن ما يستحق الوقوف عنده فعلاً هو ما يتجاوز النتائج إلى الخطاب والسلوك ، لأن الرياضة أخلاق قبل أن تكون انتصارات . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات