الوجاهة المغسولة .. لمعان بلا جوهر

محمد البكر

في السنوات الأخيرة، أصبح مشهد التفاخر بالولائم الفاخرة والمناسبات الضخمة مألوفاً في وسائل التواصل الاجتماعي . ف “بعض” الأثرياء وهم من أقصدهم في مقالي ، لم يعد هدفهم الكرم أو التواصل كما كان في الماضي ، بل استعراض الثراء ومحاولة شراء المكانة الاجتماعية عبر الأضواء والعدسات . بعضهم يستأجر مشاهير “السناب” و“التيك توك” لتصوير تلك المناسبات وبثها عبر حساباتهم ، لتتحول الوليمة إلى حدث إعلامي أكثر منها اجتماعياً . إنها محاولة مكشوفة لغسل المكانة الاجتماعية وتلميع الصورة أمام الناس دون أي رصيد حقيقي من العطاء أو المسؤولية . فهؤلاء لا نجد لهم أثراً في دعم الجمعيات الخيرية ، أو تمويل مشاريع الإسكان ، أو رعاية الأيتام والمرضى ، أو المساهمة في مبادرات تنموية تخدم الوطن والمجتمع . وكأنهم يريدون أن يُعرفوا كرماء بالكاميرا ، لا بالفعل .
لا أحد يمنع الإنفاق أو الاحتفال ، فذلك شأن شخصي ، لكن حين يتحول المال إلى وسيلة للتسلّق الاجتماعي وخداع الناس ، فهنا يجب أن يظهر الوعي المجتمعي . فالمكانة الحقيقية لا تُشترى ، ولا تُصنع بالتصوير، بل تُكتسب بالعمل والإنجاز والإحسان .
لقد علّمنا التاريخ أن من يخلّدهم الناس ليسوا أصحاب الموائد الباذخة ، بل أولئك الذين قدّموا للوطن والمجتمع شيئاً نافعاً فتركوا أثراً طيباً يتحدث عنهم بعد رحيلهم . أما “المتفاخرون الافتراضيون” ، فلن يبقى من ضجيجهم سوى مقاطع عابرة في ذاكرة الإنترنت سرعان ما تُنسى .
كلنا يعلم أن الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول ضد هذه الظواهر، فالتقدير يجب أن يُمنح لمن يستحق ، لا لمن يدفع لشراء الإعجاب . والعطاء الحقيقي لا يحتاج إلى عدسة ، بل إلى نية صادقة وأثر باقٍ ومبادرات مجتمعية ملموسة . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات