الكاتب بين قلمه و “سوطه”
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الكاتب ليس مجرد ناقل للأحداث أو متصيد للأخطاء ، بل هو صاحب رسالة وأمانة أخلاقية تجاه وطنه ومجتمعه . دوره أن يوازن بين النقد الموضوعي والحرص على المصلحة العامة ، لا أن يتحول إلى سوط مسلط على كل جهة ، يجلد بلا إنصاف أو تمحيص .
في زمن تتسارع فيه الأخبار وتنتشر الإشاعات كالنار في الهشيم ، أصبح بعض الكتّاب يضخمون الأحداث دون تحقق ، فيغذّون الشائعات ويزرعون الشك في مؤسسات الدولة . والنتيجة أن يفقد المجتمع ثقته بمصادره ، وتتعطل لغة الحوار بين المواطن والمسؤول . نعم ، في كل مدينة وبلد في العالم سلبيات ومطالب ، وهناك مواطنون يسعون لتحسين أوضاعهم ، لكن النقد الصادق لا يعني الهدم ، ولا تبرير الأخطاء يعني الصمت.
وفي المقابل ، هناك قرارات تصدرها بعض الوزارات تؤثر على ما تعود عليه الناس ، دون أن يُمهد لها ، أو توضيح أهدافها وأسباب اتخاذها . وهناك موظفون يمثلون جهات حكومية خدمية كمراقبين ، يتعاملون مباشرة مع الناس ، لكنهم أحياناً يسيئون الصورة العامة بأسلوب متعجرف ، أو بتطبيق التعليمات بجمود وقسوة من غير تقدير للظروف الإنسانية . تصرفات كهذه تثير الناس وتشحن الرأي العام ضد وزاراتهم ، فالمشكلة ، هي مشكلة مشتركة بين المسؤول الذي لم يواجه المواطنين ويشرح لهم خلفيات تلك القرارات ، وبين ذلك الموظف الذي كما لو أنه يحمل عصاً يخوف الناس بها.
حين يناقش الكاتب قضايا حساسة تهم الرأي العام ، عليه أن يلمّ بكل أبعاد الموضوع ، لا أن يكتفي بالعناوين الجاذبة أو بالمطالب الشعبية دون دراسة ما قد يترتب عليها من آثار اقتصادية أو اجتماعية .
الكاتب الحقيقي هو من يكتب بعقله قبل عاطفته ، ينقل هموم الناس بصدق ، ويضعها أمام المسؤولين بوعي ومسؤولية . فالقلم الذي ينساق وراء الشعبوية وزيادة المتابعين يفقد رسالته ، ويصبح جزءاً من المشكلة لا أداة للإصلاح . والكاتب حين يراعي ضميره قبل إعجابات القرّاء ، يكون قد خدم وطنه بصدق وأدى أمانته بما يجب . ولكم تحياتي
