أمن المجتمع يبدأ من بيوتكم
حصد مقال الأمس ردود فعل مبشّرة، أكدت أن تسليط الضوء على قضايا المخدرات والإدمان هو الخطوة الأولى نحو إنقاذ المجتمع وتوعية شبابه. أما مقال اليوم، فيُبيّن أن تحقيق الهدف الرئيس في مكافحة هذه الآفة لا يقع على عاتق جهة واحدة، بل هو مسؤولية جماعية تشترك فيها جهات عدة، وإن تفاوتت أدوارها، مثل الأسرة ، والمدرسة ، والخطباء، والإعلام، ورجال الأعمال.
دور الأسرة هو الأساس ، ومنها تبدأ أو تنتهي مأساة الإدمان. بعد أن استسلم كثير من الآباء والأمهات لمتغيرات العصر الحديث ، وتلاشي الجلسات العائلية، واختفاء الأحاديث المشتركة، حيث أصبح لكل فرد من أفراد الأسرة عالمه الخاص. فتباعدت المسافات، وانقطعت جسور الحوار، حتى أصبح الأصدقاء أقرب إلى الشاب من والديه. فيُغلق الشاب باب غرفته، ويُغلق معه أي نافذة للنقاش، لتتفاجأ الأسرة في يومٍ ما بسقوط ابنها في فخ المخدرات.
أما الخطباء على المنابر ، والمعلمون والمشرفون الاجتماعيون في مدارسهم ، فتحمّلهم للمسؤولية لا يقل أهمية. فالمعلم، على سبيل المثال، يقضي مع الطالب أكثر من خمس ساعات يوميًا، ويستطيع ملاحظة أي تغيّر في سلوكه أو أدائه الدراسي. ومن واجبه حينها أن يُبلغ إدارة المدرسة أو يتواصل مع أسرته.
وبالنسبة لـ رجال الأعمال، فبالرغم من جهودهم المشهودة في برامج المسؤولية الاجتماعية، إلا أن المطلوب اليوم هو التوسع في دعم جهود علاج الإدمان وتأهيل المدمنين، من خلال تمويل إنشاء المصحات، وتوفير فرص عمل للمتعافين، ورعاية البرامج المدرسية، ودعم المبادرات الوقائية. فعلى سبيل المثال يعد مركز The Betty Ford Center في الولايات المتحدة مثالًا بارزًا على النجاح في هذا المجال ، إذ يحظى بدعم من رجال الأعمال، والمؤسسات الخيرية، ومشاهير الفن والرياضة . وفي بريطانيا ، تشترك الحكومة مع القطاع الخاص والمنظمات الخيرية في جهود العلاج والتأهيل النفسي والتدريب المهني للمتعافين.
ومن هنا، أدعو رجال الأعمال في كافة مناطق المملكة إلى دعم جهود الدولة – أعزها الله – التي لم تغفل عن هذا الملف، وأسست “مستشفيات الأمل” المتخصصة في علاج الإدمان. ولم يبقَ إلا أن يمتد العون من أهل البذل والعطاء، فالمساهمة لا تقتصر على التبرع، بل تمتد إلى صناعة الأمل، وفتح أبواب النجاة لمن ظن أن لا مخرج له من ذلك النفق المظلم.
ولكم تحياتي.
