دع الأيام تفعل ما تشاء

أجزم بأنكم جميعًا قد قرأتم قصيدة الإمام الشافعي: دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسًا إذا حكم القضاء. هذه القصيدة الخالدة، لم تكن مجرد قصيدة أبدع ناظمها ، بل قصة متكاملة الفصول، مليئة بالدروس والحكم والعبر .
وبغض النظر عن الدوافع التي مر بها الإمام الشافعي، من تحوّل اختلافاته مع أقرانه من مجرد تباين في الرأي إلى صراعات مريرة واعتداءات، ثم اضطراره للتنقل بين المدينة ومكة واليمن والعراق ومصر ، حتى المرحلة الأخيرة من عمره ، حينما ألمّ به المرض فعانى ما عانى من آلام وأوجاع ، إلى أن توفي يرحمه الله . فإن هذه القصيدة تصلح لكل زمان وفي أي مكان .
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسًا إذا حكم القضاء ولا تجزعْ لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلًا على الأهوال جلْدًا
وشيمتك السماحة والوفاء
….
ما أجمل هذه الأبيات التي تلخّص حال غالبية الناس. فالمصائب قد تحلّ دون استئذان، وظروف الحياة قد تتبدّل في غمضة عين. فهذه هي سنّة الحياة.. لا فرح فيها يدوم ، ولا حزن يبقى . ومن يضحك اليوم قد يبكي غدًا. فلا “معصوم” من تقلبات الحياة وتبدّل أحداثها. فإذا حلّ القضاء والقدر، فلا راد لقضاء الله سبحانه وتعالى.
الإمام الشافعي قدّم لنا قبل مئات السنين ، دروسًا في كيفية التعامل مع تقلبات الحياة ، فأوصى بالصبر والثبات ، والتسليم بقضاء الله وقدره، والابتعاد عن الهم والجزع أمام الشدائد مهما عظمت . فالمصائب لا تدوم ، والشدائد مهما اشتدت وآلمت ، فهي إلى زوال.
لا تحمّل نفسك فوق طاقتها، ولا تتوقف عند محطة الحزن وتدع القطار يسير ويتركك وحيدًا. امنح نفسك طمأنينة بالرضا التام وبما كتبه الله لك، وأهدِ قلبك وبصيرتك فرصة ليروا بصيص الأمل، ولو من بعيد.
و ….دع الأيام تفعل ما تشاء… وطب نفسًا إذا حكم القضاء.
ولكم تحياتي.
