خرج مهمومًا فعاد مفجوعًا

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
هاتفني صاحبي، وكانت نبرة صوته توحي بأن نفسيته ليست على ما يرام. قلت في نفسي: ربما أخطأت في حقه، وهو يتصل الآن ليعاتبني. وبينما كنت أحاول أن أتذكّر إن كنت فعلاً قد أسأت إليه، بدأ حديثه بنبرته الحزينة.
قال: خرجتُ من منزلي وأنا مثقل ببعض المشكلات التي يواجهها الإنسان في بعض أيامه. كنت أعتقد – والحديث لصاحبي – أن لا أحد يحمل همًّا كما أحمله، لدرجة أنني كدت أتجاوز إشارة المرور دون أن أنتبه.
اتجه صاحبي إلى محل أسماك اعتاد التعامل معه منذ سنوات طويلة، حتى أصبحت علاقته بالبائع -وهو من الجنسية الهندية- علاقة قوية. وقد سمحت له هذه العلاقة بالحديث عن أسرة البائع، فعرف منه أن لديه ابنًا يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا. ومن شدة اهتمامه بمستقبل ابنه، اختار الغربة ليؤمّن له التعليم والحياة الكريمة. وكان كثير الحديث عن ابنه، وعن ما يخطط له من مستقبل مشرق.
وعندما توقف عند محل الأسماك، بحث عن “السماك”، فأخبره أحد العاملين أن البائع قد سافر إلى الهند بشكل مفاجئ، لأن ابنه تعرّض لحادث مروري وتوفي في يوم عيد الأضحى.
يقول صاحبي: إن تلك اللحظة التي سمع فيها الخبر كانت من أصعب اللحظات “المُرّة” التي مرت عليه في حياته. جلس على المقعد يفكّر بعمق… كم تساوي همومي ومشاكلي أمام مصيبة ذلك العامل المسكين؟!
يعتقد الإنسان أحيانًا أن همه هو الأثقل، وأن الدنيا لا تضيق إلا عليه، فيمشي منكسِرًا، لا يرى غير حزنه، ولا يسمع إلا صدى أنينه. لكنه، في لحظة عابرة يصغي فيها لهمّ غيره، يدرك أن لكل إنسان وجعًا خفيًّا، وأن ما يحمله لا يعدو كونه “غيمة” أمام أعاصير غيره.
نضخّم همومنا حتى نسمع أنين غيرنا، فندرك أن لكل قلب “حربًا لا تُرى” .
ولكم تحياتي

سلمت ابا أريج
سطورك تلامس العمق، وتهمس لنا:
لا أحد خالٍ من الوجع، ولكن القلوب العظيمة تتأمل ولا تشتكي……
فعلا قصة مؤلمة
الله يغفر لأبنه ويلهم والديه الصبر والسلوان
يقول تعالى : لقد خلقنا الإنسان في كبد” تعني أن الله خلق الإنسان في حالة من المشقة والتعب والجهد، سواء في حياته الدنيا أو في سعيه للآخرة. فالإنسان يكابد في طلب الرزق، وفي مواجهة مصاعب الحياة، وفي سعيه للنجاة في الآخرة.
الله يحفظ الجميع بحفظه .