يرحل الإنسان ويبقى الأثر

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تمضي بنا الأيام في رحلة الحياة، ويتسارع قطار العمر دون توقف. نغادر عملاً اعتدنا عليه ، أو نغادر الدنيا كما غادرها من قبلنا كثيرون. لكن ما يبقى حقاً ، ليس المال الذي جمعناه ، ولا الجاه الذي بلغناه، بل الأثر الذي تركناه في قلوب الناس وحياتهم .
في سُنة الحياة، لا يقاس الإنسان فقط بما أنجز ، وإن كان الإنجاز مهماً ، بل بما أحدثه من فرق في حياة الآخرين ، فرداً كان أو مجتمعاً . فهل تساءلت يوماً .. ماذا سيبقى منك بعد الرحيل ، مؤقتاً كان أم أبدياً ؟ هل ستكون مجرد اسم في سجلٍ قد يُنسى، أم بصمة راسخة لا تُمحى من ذاكرة من هم حولك؟
يُقال إن الأثر الطيب لا يموت ، حتى وإن غاب صاحبه. فالمكان قد يتغير، والزمان يتبدل ، والوجوه تتعدد، لكن الكلمات الصادقة والمواقف النبيلة تظل خالدة في ذاكرة الناس. فإما أن يكون الأثر دعوة صالحة بالخير، أو دعاء بالشر حسب ما ترك من انطباع وموقف . ففي عالم تتسارع فيه الأخبار وتتغير فيه الأحداث لحظةً بلحظة، يبقى الإنسان أمام خيارين .. أن يكون له أثر يصنع فرقاً حقيقياً في حياة غيره، أو أن يمر مرور العابرين الذين لا يُذكرون ..
كُل منا أمامه نماذج حية على ذلك. أشخاص تركوا بصمات لا تُنسى … من بنى مدرسةً للأيتام ، أو أسهم في إنشاء مركز صحي ، أو شارك في عمل خيري دائم الأثر ، أو دعم طالباً فأصبح ذو شأن ، أو وقف مع أسرة أنهكتها ظروف الحياة . كل هؤلاء يتركون أثراً لا يُنسى . فالمال ليس وحده الذي يصنع الأثر . كلمة طيبة ، أو ابتسامة عابرة لمحتاج ، أو موقف نبيل، قد يغيّر مجرى حياة إنسان ، فيصنع أثراً متصل غير منقطع .
وكما أن للأثر وجهاً مشرقاً، فقد يكون أيضًا سلبيًا . بكلمة جارحة، أو موقف ظالم، قد يدمّر حياة إنسان . فالأثر يبقى، بخيره وشره ..
كم من مسؤول غادر منصبه فدعا الناس ربهم أن يأخذ حقهم منه ، وكم من آخر ترك الكرسي وبقيت محبته في القلوب، بل وربما زادت بعد رحيله . الإنسان الواعي يسعى لأن يترك خلفه سيرةً طيبة وبصمة خير، تُذكر كلما ذُكر اسمه. أما من استبد به غرور المنصب، فلن يجد من يرحب به إذا زال عنه البريق .
تذكر .. ماذا سيقول الناس عنك حين ترحل؟ وكيف سيتذكرونك؟ ولكم تحياتي

مقال صادق وجميل جدا ابواريج كعادتك . وكما يقال عن ترك الاثر الجميل :
كُن كالمطر إذا أقبل استبشر الناس به وإذا غاب اشتاقوا إليه وإذا حط نفعهم وإذا رحل ترك أثرًا نافعًا فيهم .