السعوديات ورئيس المخابرات الأميركية

قبل زمن قام طالب صيني بعرض فيلم بشع جداً عن بلده في الجامعة، فقام الطلبة الصينيون بالاعتراض وخرجوا وبقي واحد أو اثنان حتى جاءت لحظة النقاش ثم شتموه وغادروا، سألته وقتها عن هدفه من عرض فيلم من الشوارع الخلفية للصين في وقت معظمنا لديه انطباع جيد عن الصين وتقدمها، خاصة اقتصاديا، فرد بأنهم يريدون الديموقراطية، ويريد إخبار الناس عن حقيقة ما يعيشونه في الصين، لأن الإعلام الغربي لا يتحدث عن ذلك.

النظام الصيني ديكتاتوري في أدق تفاصيله ويضيق الحريات على شعبه، لدرجة أن أبسط الأمور كالوسائط الاجتماعية ممنوعة، لأن الحكومة أعلنت عدم قدرتها على مراقبة الشعب من خلالها فقررت إغلاقها.

كل هذه الديكتاورية ولا ينشر عنها شيء في الإعلام الغربي، لماذا؟ بل إن هناك احتفاء بالصين منقطع النظير في العالم الغربي، حتى إن الملكة قامت باستقبال رئيس وزراء الصين استقبال الفاتحين، لدرجة أن سخر أحد رسامي الكاريكاتير وعبر عن ذلك برسم نزوله من الطائرة على ظهر الحكومة والملكة وتشارلز.

في الواقع العالم الغربي لا يهمه مطلقا الحريات في أي أرض أو بلد، ما دام مستفيدا منها اقتصاديا، لذا مسألة الحريات والحقوق هي آخر اهتمامه إلا إذا كان لديه غرض آخر، عندها تكون مسألة حريات الشعوب الأخرى من أولويات الأنظمة الغربية.

رأيت كغيري، الفيديو الذي يظهر فيه رئيس الاستخبارات الأميركية عام 2006 James Woolsey والذي يعلن فيه صراحة عن خطتهم لتغيير الرأي العام المسلم تجاه الحكومات العربية، خاصة السعودية ومصر، والهدف تخريب أهم بلدين في العالم الإسلامي ولم يذكر إيران مطلقا، فهل هي جنة الحقوق مثلا أم هي تقوم بدور هو تماما دور إسرائيل في المنطقة، فلا يهم إن كان الرجال يعلقون بالمشانق كل صبح والنساء يسكب على وجوههن ماء النار في الطرقات.

في السعودية كان لديهم ملف المرأة، ولقد قرأت في مقالات سياسية وأبحاث علمية عن قناعتهم بقدرة المرأة السعودية على إحداث الفرق، والفرق هذا ليس الفرق الذي نريده كسعوديين في التطوير والإصلاح الذي ينطلق من وحدة وطننا ووحدة هدفنا، لكنه فرق آخر المقصود به زعزعة أمن الوطن وصنع عراق آخر يئن من الفساد.

لقد سبقونا كثيرا في هذا الاكتشاف، فبينما كنا وما زلنا نهمش المرأة السعودية ولا نسند إليها دورا حقيقيا في بناء البلد قرر هؤلاء غزونا عبرها.
وأقرب إثبات لذلك استغلال ما تفعله ناشطة حقوقية مثل كل الناشطين في الحقوق في العالم، تختلف أو تتفق معها في قضاياها أو أسلوبها. شاركت لجين الهذلول في برنامج تم تصويره دون إذن من السعودية، بل معدوه أنفسهم دخلوا عبر الحصول على الفيزا بإثباتات مزورة، لذا لم يكن من الغريب أن يزوروا الحقائق أيضا التي تبرأت منها لجين وأصدرت بيانا تدعي براءتها منه، خاصة أن صوتها كان يظهر على مشاهد عنف ضد المرأة لقضايا فردية قبض على أصحابها ولم ينوه البرنامج عنها.

في البرنامج شارك طفل بشهادة ضد السعودية ومناهجها، ولا تتعجبوا إذا علمتم أن من دفعه للمشاركة ووقع بالموافقة عليها كانت امرأة هي أمه، بحسب ما دافعت القناة عن نفسها، وللأسف لم تكن لجين فقط السعودية الوحيدة المستغلة في البرنامج.

ولقد كنت في مناسبة نسائية في جدة قبل سنوات تقيمها مجموعة نسائية تطلق على نفسها مسمى يرمز للتواصل، وطلبت مني بأن أسجل عضويتي فسجلتها، وحضرت فعالية صادفت وجودي في جدة ولاحظت سيدة في منتصف العمر أجنبية تحيط بها مجموعة من الفتيات الصغيرات، من بينهن ابنة صديقة لأسألها من هذه؟ لترد هذه من السفارة الأميركية مدعوة.. قلت لإحدى المسؤولات إذا كنتن ستدعون أحدا من السفارات فلماذا لا تدعون أحدا من سفارة باكستان أو تركيا أو دول الخليج لماذا أميركا فقط؟ قالت وقد بان عليها الحرج في خطتنا سندعو في المناسبات القادمة، لماذا نرى منسوبات السفارة الأميركية في الوسط الحقوقي والإعلامي؟ ما غرضهن وما هدفهن؟

نحن لا نملك عصا سحرية لإيقاف مؤامرات الغرب ضدنا وضد وطننا، إذ لم يعد يخجل من إظهارها، لكننا نستطيع نشر الوعي بذلك، خاصة بين الشابات السعوديات، فبلادنا تخوض حربا، وكل حوار حقوقي من الأهمية بمكان أن يكون داخل الوطن وبلغة راقية لا تنقص الوطن حقه من الاعتراف بفضله.
إن السعوديات هن أهم من يجب أن يعي ذلك لأنهن الآن في نظر الغرب ورقة رابحة في مقامرة التخريب والهدم، بينما في نظر الوطن إنسان يستثمر به ويعلمه ليجني الربح لا الخسارة، وحقوق السعوديات لن تخرج من بوابة السفارة الأميركية، بل من أبواب قيادتنا وحكومتنا، وهذا ما يجب أن تعيه الناشطات الحقوقيات أولاً.

عزة السبيعي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات