أصابع الوليد يا أمين جدة

المفروض أنه لا فرق بين (الأصابع) إذا بترت نتيجة لخطأ أو عيب فني في إحدى الألعاب في حديقة عامة، كما حدث للطفل وليد العطاس في حديقة السنابل بجدة. أي أن أصبع الوليد مثله مثل أي أصبع لأي طفل من أبناء الذوات، كون كل أب وأم حريصين كل الحرص على سلامة أطفالهم الجسدية والنفسية. لا فرق في ذلك بين كونك وجيها أو مواطنا عاديا. إذا كان الأمين يعرف ذلك فليس من المعقول أن يكون عقاب الموظفين الذين أهملوا وتسببوا بهذا الحادث الأليم مجرد خصم من رواتبهم كما روى الأب للإعلام وروى لي على إيميلي الشخصي. وإذا كان لدى الأمانة قول آخر غير ما ذكره والد الطفل فلتنشره على الملأ لكي يتضح للناس أن حقوقهم لا تضيع أو يستهان بها بهذه البساطة.

لن أسأل عن ماذا يمكن أن يحدث لو كان مكان هذا الطفل ابن أحد المسؤولين الكبار في الأمانة، فهذا السؤال، وإن كنا نعرف إجابته، عبثي ولا يؤدي إلى أية نتيجة. ما نريده فقط هو أن يرتقي حس المسؤول ليشعر بآلام من يتسبب في إيذائهم لأنه قصر أو استسهل أو اعتبر، مثلا، أن من يدخل إلى هذه الحديقة ليس من علية القوم. الألم بالمناسبة، وهذا لعلم الأمين وأركان الأمانة، لا فرق في الشعور به ومكابدته بين وجهاء الناس وبسطائهم. هذا الطفل، المنكوب في أعضائه، أجرى إلى الآن عمليتين. وإذا كانت الأمانة اكتفت بالحسم من رواتب المستهترين المتسببين بها فلدي يقين أن أحدا من مسؤوليها لا يسأل حتى عن حالة الطفل وتطوراتها وما إذا كان أهله يحتاجون إلى مساعدة من أي نوع، مادية أو معنوية.

إذا كان والده يصرخ الآن بأنهم (أي الأمانة) امتصوا غضبنا وغضب الناس في البداية ثم تخلوا عنا فنحن نصرخ معه ونطالب، كما طالبنا كثيرا من قبل، بأن يفيق ضمير المسؤول، من سباته ويتحمل نتيجة أعماله على الوجه الذي يرضي الله والناس. لقد مرت حوادث كثيرة انتهت بمزمزة المسؤول لشفاهه ومغادرته إلى بيته وراحة باله بينما من حلت بهم المصيبة ووقع عليهم الألم يتجرعون الضيم والظلم.
تخيلوا فقط كيف يقضي والد ووالدة الوليد أيامهما بعد هذا الحادث وهم يشاهدون فلذة كبدهم بدون أصابع نتيجة استهتار الأمانة ومسؤوليها ومراقبيها. ولكم أن تتصوروا شدة ألمهم حين يضاف إلى مصابهم قرار كسيح في معاقبة المستهترين ثم يرسل الأب إلى المحاكم لكي تدور بها رحاها بحثا عن حق ابنه البين. هل فقدنا الحياء إلى هذه الدرجة.؟!

محمد العصيمي

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات